عن الله ، ولا يثبته من خلال المجهولات أو الحالات الاستثنائية الشاذة عن النظام وانما يطلبه ويتوصل اليه ويثبته من خلال الامور المنتظمة التي لا يمكن أن تفسّر الا في اطار العلم والعقل.
* * *
القرآن ونظرية الجهل
والعجب من أصحاب هذه النظرية أنهم يفترون على رجال الوحي الكذب فيدّعون بان الجهل بالعلل الطبيعية الحقيقية هو أساس دعوتهم إلى الله ، وانهم لاجل عدم وقوفهم عليها صوروا لها «علة واحدة» أسموها بالله مع ان القرآن الكريم يحارب الجهل أشد المحاربة ويمنع أتباعه من الاعتقاد بشيء بدون علم.
يقول سبحانه :
وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (الاسراء ـ ٣)
بل ولا يكتفي بهذا القدر ، فهو يستدل على وجوده سبحانه بالنظام السائد في الطبيعة والكون ، ويطلب من المؤمنين النظر في الطبيعة واستجلاء أسرارها وفهم قوانينها اذ يقول :
أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (الغاشية ١٧ ـ ٢٠)
ويعود ليدعو المؤمنين ـ في آيات اخرى ـ الى النظر في آيات وجوده ووحدانيته في الأرض والسماء اذ يقول :
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ