الموكل بكم يأخذكم تامين كاملين من أجسادكم أي ينزع أرواحكم من أبدانكم بمعنی قطع علاقتها من الابدان ، وأرواحكم تمام حقیقتكم ، فأنتم أي ما یعني بلفظة «كم» محفوظون لا يضل منكم شيء في الأرض ، وانما تضل الابدان ، وتتغير من حال الى حال ، وقد كانت في معرض التغير من أول كينونتها ثم انكم محفوظون حتى ترجعوا الی ربكم بالبعث ورجوع الارواح الى أجسادها.
وبهذا تندفع حجتهم على نفي المعاد بضلالهم سواء قررت على نحو الاستبعاد أو قررت على ان تلاشي البدن يبطل شخصية الانسان فينعدم ، ولا معنی لاعادة المعدوم فان حقيقة الانسان هي نفسه التي يحكي عنها بقول «أنا» وهي غير البدن ، والبدن تابع لها في شخصيته وهي تتلاشى بالموت ولا تنعدم بل محفوظة في قدرة الله حتى يؤذن في رجوعها الى ربها للحساب والجزاء فيبعث على الشريطة التي ذكر الله سبحانه» (١).
* * *
٢ ـ اللَّـهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (الزمر ـ ٤٢)
وتدل هذه الاية ـ بدلیل لفظة «يتوفی» ، ويمسك ويرسل ـ على أن هناك جوهراً غير البدن المادي في الكيان البشري هو الذي تتعلق به التوفية ، ويقع عليه الامساك والارسال ، كما هو واضح غاية الوضوح.
__________________
(١) الميزان ج ١٦ ص ٢٥٢.