المغناطيسي يدل على ان الانسان ليس بمادة صرفة بل ان فيه سراً روحانياً متميزاً عن مادته وهو حقيقته ، ولو لا ذلك لما شوهدت منه ـ وهو في حالة النوم المغناطيسي عند تعطل حواسه ومشاعره ، تلك الحوادث الروحية المدهشة ، والاخبار عن الامور البعيدة ، رغم بقاء الجسم في المحل.
ان ما نريد اثباته هنا هو ان التنويم المغناطيسي يكشف عن ان وراء هذا الجسد جوهراً آخر وان لهذا الجوهر عالما خاصا تختلف مقاییسه وخصائصه عن مقاییس الوجود المادي وخصائصه ، وان ذلك العالم موجود فعلا وان كان غائبا عن الاحساس غير خاضع لسلطان الحواس ، وهذا هو ما اقر به كثير من العلماء والمفكرين الذين كانوا ينكرون الغيب ثم عادوا يؤمنون به ويذعنون لوجوده بعض الايمان والاذعان بعد اكتشاف البعد الروحي في الانسان ، وظهور وانتشار «التنويم المغناطیسي» وما شابه ذلك (١).
ولقد ظهر هذا العلم اول مرة في اوربا عام (١٧٧٥ م) بواسطة العالم الالماني الدكتور مسمر ، وقد جاهد هو واتباعه مدى قرن كامل من الزمان فی سبیل اثباته ، وحمل العلماء على الاعتراف به وقد نجحوا في ذلك ، فاعترف العلماء به علمياً بعد أن اختبروا به الالاف المؤلفة من الخلق واطمأنوا الى تجاربه.
واخيراً اثبتوا ان الانسان ـ في حالة النوم المغناطيسي ـ يرى ويسمع من بعد شاسع ويقرأ من وراء حجب ، ويخبر عما سيحدث مما لا يوجد في عالم الحس اقل علامة لحدوثه.
وان للتنويم درجات بعضها فوق بعض كما واثبتوا من ذلك ان الانسان
__________________
(١) راجع لذلك : على اطلال المذهب المادي ، والاسلام في عصر العلم لفريد وجدي وهما يحتويان على مصادر أجنبية كثيرة وكذلك : المجلد ٤ من دائرة معارف القرن العشرين لنفس المؤلف.