٤) خوارق العادة
ان التاريخ البشري يخبرنا عن وجود رجال في المجتمع البشري كانوا يقومون باعمال خارقة لما هو المألوف للانسان من السنن العادية والنوامیس الطبيعية ، وهذا ولاشك يجعلنا امام حقيقه غير حقيقة العالم المادي.
فكلنا يعرف بان النار من طبيعتها الاحراق ، وان الجسم البشري له قابلية الاحتراق ، فاذا سمعنا بان انسانا القي في النار المشتعلة ولم يحترق (١) مع ان العلل الطبيعية للاحتراق موجودة برمتها في تلك النار وذلك الشخص ، عرفنا بان هناك عللا اخرى وراء المادة مكنت هذا الانسان من القيام باعمال تخالف السنن الطبيعية والقوانين المادية.
ولو ان خشبة يابسة مضى على تواجدها زمان طویل اردنا أن تتحول الى حية تسعى فلابد أن تمر بسلسلة من التفاعلات والتحولات ولكننا اذا رأيناها تنقلب فجأة الى تلك الحية (٢) من دون ان تقطع تلك المراحل علمنا بأن وراء هذا المظهر المادي عاملا آخر وقوة اخرى قامت بهذا الفعل الذي يخالف مقتضيات السنن المادية الطبيعية.
ولو ان مريضاً مصاباً بمرض عضال او عاهة غير قابلة للعلاج (الا أن يتقدم
__________________
(١) وقد حدث هذا للنبي ابراهيم الخليل ـ عليه السلام ـ الذي يقول عنه الله سبحانه قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ (الانبیاء ٦٨ ـ ٦)
(٢) وقد حدث هذا على يد النبي موسى ـ عليه السلام ـ يقول سبحانه : وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ * قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ * قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَىٰ * فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ (طه ١٧ ـ ٢).