وأما الخوف منه سبحانه فلاجل ان الانسان العاقل يخاف في قرارة نفسه أن لا يقوم بما عليه من وظائف العبودية تجاه ذلك الرب العظيم.
فالمراد في هذه الآية اذن هو الخشية والخوف منه سبحانه الناشئين مما ذكر ، لا الجبن الذي يقابل الشجاعة ، ويضاددها.
على هامش فرضیتی الخوف والجهل
تلخصت الفرضيتان المذكورتان في الق الانسان اخترع فكرة «الاله الأعلى» وعكف على عبادته وذهب الى تقديسه تحت دافع الخوف وعامل الجهل ، ولقد عرفت ما يرد عليهما من اشكالات.
ونعود هنا لندرس هاتين الفرضيتين من غير الزاوية التي درسناها سابقاً فنقول : ان هاتين الفرضيتين لا يمكن الركون اليهما لعدّة أسباب ، مضافاً الى ما ذكرناه في البحث السابق :
اولا : لو كانت فكرة الاله وعبادته والخضوع له والاثار في سبيله والاعتقاد بالمسؤولية تجاهه من ولائد الجهل البشري بالاسباب الطبيعية والخوف من الحوادث الكونية المرعبة فلماذا نجد هي الفكرة قائمة حتى في المجتمعات الحاضرة رغم انتفاء دواعيها من الجهل والخوف ، حيث لا جهل بسبب ما اكتشفته العلوم من العلل الطبيعية ، ولا خوف بسبب تغلب الانسان الحديث على أكثر حوادث الطبيعة ، وتمكنه من تجنب أضرارها وأخطارها.
فما الذي يفسّر بقاء فكرة «الاله المعبود المقدّس» بين المجتمعات الحاضرة ، والاحساس بالمسؤولية تجاهه والسعي لتحصیل رضاه ، وما يلحق كل ذلك من الاعتقادات والممارسات العملية الدينية وقد زال الجهل والخوف؟
اليس بقاء هذا الامر ـ مع زوال ما قيل عن علته ـ يعدّ دليلا واضحاً و