عليه في الجملة فانه قد وقف ـ في هذه الأمثلة ـ على ان تصوّراته غير منطبقة على الواقع ، ولاشك ، انه لو لم يكن هناك مثل هذا الواقع المعلوم لدى الانسان لما استطاع أن يدرك بأن حواسه قد أخطأت الواقع في هذه الموارد.
* * *
٢ ـ الاختلاف في القيم والتقاليد :
ان الأشياء تتصف بالحسن أو القبح عند طائفة بينما تتصف بعكسها عند آخرین ، فلو كان الانسان قادراً على الوصول الى الحقائق ، وادراك الواقعيات كما هي ، لما اختلف في تقسيم الأشياء ووصفها بالحسن تارة ، وبالقبح تارة آخری.
والجواب عن هذا واضح : فان اختلاف الناس انما هو في الأمور التي تختلف باختلاف الأزمان والمجمتعات والبيئات.
وبعبارة أخرى : فان اختلاف الناس في التقييم انما هو في الأمور التي يكون للمدنية والبيئات والتحولات الحضارية دخالة وتأثيراً في تحسينها وتقبيحها ، في حين ان هناك ثوابت في القيم لا يختلف فيها اثنان كقبح الظلم والخيانة وحسن العدل والوفاء وما شاكل ذلك.
وبتعبير ثالث : ان هناك اموراً يحكم بها الانسان على وجه الاطلاق لنفسه ولغيره في هذا الزمان وفي الزمان الاخر ، وتلك هي المثل الأخلاقية التي لا تتغير ولا تتبدل باختلاف الحضارات والبيئات والاجتماعات.
وأما ما يتبدل فهو ما ليس لنفسه ـ في حد ذاته ـ أي حسن أو قبح ، وانما يتصف بأحد الوصفين المذكورين بملاحظة الاعتبارات والظروف الطارئة.
وهذا أمر يبحث في «التحسين والتقبيح الذاتيين» الذي سيأتي في