المادي من أدوات للمعرفة ، فهو قد اتخذ أدوات لا تكشف الا ما كان يخضع للملاحظة بها ، لا ما لا يخضع لذلك ، فعدم رؤيته للروح في تلك المختبرات ، لا يعد دليلا على نفيه فهذا نظير نفي الذرات المتناهية في الصغر لعدم رؤيتها بالعين المجردة.
٢ ـ فرضية الخاصية لا تفسر التناسق الكوني :
ان تفسير النظام السائد في الكون بفرضية خاصية المادة ، وارجاع هذا النظام الى خواص الأشياء ، أمر كان من الممكن أن يكون مقبولا وصحيحاً لو ان أشیاء هذا الكون كانت مفككة ومتفرقة ومبعثرة ، لا ترابط بينها ، ولا تعاون ولا انه بحيث يكمل بعضها بعضاً ، ولم يتحسب فيها للمستقبل وحاجاته ، وللطوارئ وضروراتها ، بل كانت مثل صيدلية فيها أدوية كثيرة ، وعقاقير مختلفة ، أو دكان بقالة فيها أشياء متنوعة كالفلفل والملح والسكر والعدس والرز والماش ، ففي هذه الحالة ربما يصح أن يقال : بأن خاصية كل واحدة من هذه الأشياء والأدوية هي التي جعلته كذلك ، لا غير.
فخاصية السكر جعلته حلوا ، وخاصية الملح جعلته مالحا ، وخاصية الفلفل جعلته محرقاً ، وخاصية الدواء الفلاني جعلته مفيداً لعلاج ذلك المرض الخاص دون غيره.
ولكننا عندما نشاهد عالماً مترابط الاجزاء ، مرتبطاً بعضه ببعض ، مثل هذا الكون ، قد تحّسب فيه للحاجات المستقبلية ، والحالات الطارئة ، والضرورات الاحتمالية ، ونسقت فيها الأشياء بحيث يكمل بعضه بعضا ، ويمهد بعضها للبعض الاخر بحيث يكون من وراء ذلك هدف مقصود وغاية متوخاة ، وبحيث يكون فيه شيء كثير من التوازن والتعادل ، والتعاون والمحاسبة ، ففي هذه الصورة