ولا يعد هذا نقضاً لذلك القانون العام أعني قانون «استحالة اجتماع النقيضين».
هذا ونؤكد مرة أخرى أن هذه القضية : «وهي استحالة اجتماع وارتفاع النقيضين» من أوضح القضايا وأصدقها ولا يشك في هذه الاستحالة الا الشكاك أو المنكرون لكل واقعية خارجية.
كما نضيف ان صدق كل قضية والاذعان بها لا يتحقق الا بعد التسليم بتلك الاستحالة ، فما لم يسلم باستحالة ذاك الجمع وذلك الرفع ، لا يمكن الاذعان بقضية من القضايا العلمية ، والفلسفية ، ولاجل ذلك سميت بأول القضايا وأبده البديهيات ، وأول العلوم ، وأساسها.
فكل عالم باحث في ظواهر الطبيعة ، وحقائقها لا يمكنه ان يذعن لاية قضية في العلوم مثل الفيزياء والكيمياء ، ما لم يتسلح بهذا القانون العام ولو خلع نفسه عن هذا السلاح ، ونظر الى العلوم مع التشكك في تلك القضية لما أمكنه اثبات شیء في العلوم والفلسفة ، هذا كله حول استحالة الجمع بين النقيضين ، واليك البحث حول استحالة اجتماع الضدين.
استحالة اجتماع الضدين
لقد عرفت ان المتضادین عبارة عن وصفین (١) متزاحمین وجودين لا يجتمعان في موضوع واحد ووقت واحد ، لما بينهما من غاية الاختلاف.
وبعبارة أخرى : هما كیفیتان متزاحمتان للجسم لا يجتمعان معاً في ذلك الجسم فلا يعقل اجتماع البخل والسماحة والجبن والشجاعة في شخص واحد ، وظرف
__________________
(١) هذا على القول باختصاص التضاد بالاعراض ، واما على القول بشمول التضاد للصور الجوهرية فيجب التعريف بنحو آخر حتى يعم الصور الجوهرية المتضادة أيضا ، والتفصيل يطلب من موضعه.