أخرى ، أو جماعة بشرية دون جماعة بشرية ثانية ، بل نجدها في كل دورة من أدوار التاريخ البشري ، وكل نقطة من نقاط الارض حطت للانسان فيها قدم ، وليس ذلك الا لملازمة مبادئها (وهي تلك الغرائز الأصيلة الأربع) للانسان دائماً وأبداً.
ان لكل واحد من هذه الغرائز أثراً بالغاً في بناء جانب من جوانب الحضارة الانسانية ، وتحقق تطور عظيم وعميق في ناحية من نواحي الحياة البشرية. وهي بالتالي متعاونة فيما بينها لبناء الحضارة الانسانية ، فهي أشبه بفنيين من ذوي الاختصاصات المختلفة الذين يتعاونون لبناء قصر جميل المنظر ، منسق الاركان.
فما اتفه قول ماركس بأن «الصراع الطبقي» هو العامل الوحيد والاساسي لجميع التطورات والتحولات الاجتماعية والفلسفية والفنية والعلمية وغيرها ، فهذا الكلام أشبه بمن يريد تفسیر زلزال عظیم بهبوط صخرة من قمة جبل.
* * *
١١ ـ الاسباب المتنوعة للتحولات الاجتماعية
تصر الماركسية على ان تفسر جميع التحولات الاجتماعية في الحياة الانسانية وكل تغيير لنظام اجتماعي الى نظام اجتماعي آخر بالأصل الديالكتيكي المزعوم وهو : «الصراع الطبقي» في حين أن ما وقع ، أو يقع ، في حياة البشر من تحولات وتطورات لها مناشئ وعوامل أخرى غير ما ذكروه ، وتوضيح ذلك ان التحولات المؤدية ـ في الأغلب ـ الى تأسيس الانظمة السياسية أو تغيرها تتنوع الى ثلاثة أنواع :
النوع الأول : ما يقع بواسطة بعض الطغاة الذين يعمدون إلى التوسّل