بكل وسيلة وحيلة للحصول على السلطة على الناس بحجة انهم أولى من غيرهم بالحكم والسلطان ، لما يتمتعون به من قوة ومال وعشيرة ، فلا يدفعهم الى ايجاد مثل هذه الاوضاع الا دافع حب الجاه والمنصب ، وحب الذات ، والشهوة وهم بالوصول الى مأربهم ومطامعهم في الحكم والسلطان يرضون رغبتهم ، ويشبعون جوعهم الى السلطة ، ويروون عطشهم الى الشهوة والشهرة.
ويوجد في مقابل هذا الفريق فريقان آخران ، الفريق الاول : المحرومون المسلوبوا الحقوق الذين ينهضون في وجه الحكام ، ويثورون على أنظمتهم السائدة لانقاذ حقوقهم ، ودفع الحرمان عن أنفسهم ، ويقع التصارع والتنازع بينهم وبين تلك الاجهزة الحاكمة ، وينتهي أحياناً بانتصار المحرومين ، وأحياناً بهزيمتهم ، لقوة الحكام وضعف وسائل المحرومين ، وهذا هو النوع الثاني من التحولات الاجتماعية التي لها عامل آخر يختلف عن النوع الاول.
وفي هذا النوع يكون للعامل الاقتصادي دور بارز في اشتعال الثورات وقيام الكادحين من العمال والفلاحين وغيرهم من المحرومين في وجه الحكام وأرباب السلطة والمال والعمل.
الفريق الثاني وهم : الذين لا تدفعهم الى مقاومة الحكام ، والثورة على الانظمة القائمة ، الا الدوافع الانسانية النبيلة مثل حب العدل والحق وحسب النوع الانساني والرحمة وغيرها من الغرائز الانسانية العالية (١) ، فهم يندفعون ـ تح تأثير هذه الدوافع ـ الى الثورة على الحكام الجائرين الذين يجورون ويظلمون ، وينهبون الثروات ، ويهدرون كرامة الانسان دون أن يكونوا في ثوراتهم ودعواتهم مدفوعين بأي دافع شخصي ، ودون أن تكون نهضتهم لتحقيق أي مكسب لانفسهم.
__________________
(١) هذا اذا لم نأخذ في الاعتبار التكليف الالهي لهم.