ان المادي لما جعل الوجود مساوقاً للمادة (أي تصور أن المادة هي كل ما في الوجود وان الوجود ليس غير المادة) وجعل الحركة من خصائص المادة زعم ان الحركة تعم الوجود بأسره ، وتلك غفلة فضيعة من الماديين عن أن دائرة الوجود أوسع وأعم من المادة وان الجسم والجسمانيات ليس سوى قسم من الوجود.
ثم أن المجردات التي لا تخضع لسنة الحركة وقانون التطور لا تنحصر في ما ذكرناه ، بل هي أكثر من ذلك غير اننا اكتفينا بذلك تنبيها على أن أصل الحركة خاص بالمادة لا انه من خصائص الوجود ، اذ المادة قسم من الوجود ليس الا.
* * *
ثالثاً ـ الحركة لا تلازم التكامل دائماً
لقد ادعى أصحاب نظرية «المادية الديالكتيكية» أن الحركة تتجه دائماً نحو التكامل ، أي أن كل حركة في الطبيعة من شأنها أن تنتج صورة أكمل من الصورة السابقة.
والماركسون لا يهدفون من هذا الكلام الا اثبات أصل اجتماعی ، وهو ان كل نظام اذا تبدل إلى آخر كان اللاحق أكمل وأفضل من النظام السابق.
فالبرجوازية ـ مثلا ـ اذا تبدلت الى الاشتراكية كانت الاشتراكية نظام أفضل من البرجوازية وهكذا ..
ولأجل أن يعتمدوا في اثبات هذا الامر على أصل فلسفي ادعوا بأن كل حركة تسیر حتماً باتجاه التكامل ، أي تفرز باستمرار نوعاً أكمل وأفضل ، وبهذا استخدموا أصلا فلسفياً غير مبرهن لاثبات مطلب اجتماعي سیاسي.