سابعاً ـ الحركة في الجوهر
لقد تبين في البحث السابق وقوع الحركة في الاعراض وكيف اتفقت كلمة الفلاسفة على جوازها وجریانها في أربعة منها ، وان اختلفوا في الخمسة الباقية ، وقد أشرنا الى جريانها في الجميع بناء على القول بالحركة الجوهرية وقلنا ان العالم بذاته خاضع للحركة والتبدل واذا كان الأمر كذلك لم يبق فرق بين عرض دون عرض.
ولهذا يتحتم علينا أن نبحث في الحركة الجوهرية بوجه يتناسب مع حجم وهدف هذا الكتاب. فنقول :
ان مكتشف هذه الحركة هو الفيلسوف الاسلامي الكبير «صدر المتألهين الشيرازي» (١) فقد توصل بالبراهين العقلية إلى أن التغير والحدوث المتجدد لا يختص بصفات المادة وعوارضها بل يتطرق هذا التغير الى ذات المادة بمعنی ان الكون بجميع ذراته في تحول وتغير مستمر ، وان ما يتراءى للناظر من الثبات والاستقرار والجمود في مادة الكائنات الطبيعية ليس الا من خطأ الحواس اذ الحقيقة هي غير ذلك ، فكل ذرة من ذرات المادة خاضعة للتغير والتبدل والسيلان والصيرورة.
وبفضل هذا الكشف تبين تعدي التغير من سطوح الطبيعة الى اعماقها ، ومن ظواهرها الى بواطنها.
وبما ان هذه المسألة قد احتلت مكان الصدارة في الفلسفة الاسلامية فاننا
__________________
(١) ولنعم ما قيل في حقه وفي تاريخ وفاته :
ثم ابن ابراهيم صدر الأجل |
|
في سفر الحج (مريضاً) ارتحل |
قدوة أهل العلم والصفاء |
|
يروى عن الداماد والبهائي |