واما لو كانت الذات والطبيعة ساكنة وفاقدة للدرجات والمراتب لما امكن التكامل التدريجي في ناحية الكيف أو الكم ، لان المفروض أن الطبيعة علة لمجموع الدرجات ، من الكيف والكم ، وهي بنفسها وثباتها كافية في تحقق كل تلك الدرجات (وحصول اقصى المراتب من الكيف والكم دفعة واحدة) فيجب أن تكون جميع المراتب من اللون والحجم حاصلة بالفعل من دون تدرج.
وبتعبير ثالث : حيث ان الطبيعة الجرمية بهويتها الثابتة وشخصيتها الواحدة علة لجميع الدرجات والاشتدادات في ناحية المعلول وجب أن يحصل مجموع تلك الدرجات دفعة واحدة بلا تدريج لفرض وجود العلة التامة لمجموع تلك الدرجات والمراتب ، ولكن المفروض خلافه ، أي المفروض حصول تلك الدرجات بالتدريج وذلك يكشف عن التدرج في الطبيعة الجرمية ايضاً والا حصل الانفكاك بين العلة التي هي الطبيعة الجرمية والمعلول وهي الأعراض في درجاتها.
وعلى الجملة لا يمكن فرض التدرج في المعاليل مع فرض الثبات والسكون في جانب العلة ، فان فرض التدرج في ناحية المعلول يكون بمعنی عدم وجود علة لجميع المراتب والدرجات ، بينما فرض الثبوت في جانب العلة يكون بمعنی حصول علة جميع الدرجات والمراتب بالفعل.
ففرض الثبوت فی احدهما والتدرج في الاخر اشبه شيء بفرض المتناقضين.
وبعبارة رابعة : لو كانت العلة ثابتة يجب ان يكون لها معلول واحد ، مع انا حسب الفرض نواجه في كل لحظة ظاهرة جديدة لم تكن قبلا ، فالحالة الجديدة في ناحية الكم أو الكيف ، بدلیل اختلافها مع السابقة واللاحقة تكشف عن اختلاف عللها وتفاوتها وتدرجها ولما كان المفروض انه ليس هناك علة سوى الطبيعة التي قامت بها الأوصاف يلزم أن تكون الطبيعة متبدلة متفاوتة