ـ صلى الله عليه وآله ـ وتقدم الأول وتأخر الثاني.
ولهذا فان البعد الزماني لا ينكره الا من انكر العالم من الأساس ، ونحن في فسحة عن مناقشته وجداله.
غير أن كل من اعترف بان الزمان واقعية وجد نفسه أمام السؤال التالي : ما هو حقيقة الزمان واین مبدؤه ومنشأوه؟
اننا نرى تقدماً وتأخراً توصف به الكائنات فما هو منشأ (او بالاحرى ملاك) توصيفها بالتقدم وبالتأخر؟
هل يكفي أن يقال : أن وصف الأشياء والظواهر بالتقدم والتأخر ، انما هو الانطباق أحدها مع طلوع الشمس والاخر مع غروبها ، او بوقوع احدها في اول الشهر ، والاخر في نهايته؟
ان هذه الاجابة ـ رغم صحتها في نفسها ـ وان كانت تقنع العامي ، ولكنها لا تقنع الفيلسوف المتحري للحقيقة لانه سيسأل أيضاً : وبماذا نصف طلوع الشمس بالتقدم وغروبها بالتأخر ، وما هو الملاك لهذا الوصف؟
ولو اجيب بأن هناك ملاكاً آخر لتوصيف طلوع الشمس بالتقدم ، والغروب بالتأخر لنقل السؤال الى ذلك الملاك أيضاً ، وهكذا.
ولهذا لجأ الفلاسفة ـ لحل هذا الاشكال ـ الى القول بأن هناك بعداً مستقلا مستمراً وسيلاناً جارياً تتصف أجزاؤه بالتقدم والتأخر اتصافاً ذاتياً ، أي ليس التقدم والتأخر صفة عارضة له بل هويته هوية مستقلة وعين التقدم والتأخر وهو لا يرتبط بالكائنات والظواهر المادية ، الا من حيث كونها وعاءاً لهذه الكائنات والظواهر المادية ، وليس هذا البعد الا الزمان.
نعم اذا قيست الكائنات والظواهر المادية الى هذا البعد والوجود المستقل اتصفت تلك الأشياء بالتقدم والتأخر.