وهذا بخلاف الكائنات المادية فان نسبتها إلى الزمان ليست على نحو واحد فيها المتقدمات وفيها المتأخرات على وجه الحقيقة لا المجاز.
ولأجل ذلك يجب أن نقول ان «ملاك» الاتصاف بالتقدم والتأخر ، موجود في نفس هويات الكائنات وطبائعها ، وان لها هوية سيالة متقدمة ومتأخرة.
وبعبارة أخرى : ان مثل الكائنات المادية ونسبتها إلى الزمان مثل نسبتها الى المكان ، فكما أن البعد المكاني داخل في هوية الكائنات المادية ، بمعنى ان الجسم يمتد بذاته طولا وعرضاً وعمقاً ، فكذلك يتصف الجسم بالسيلان والجريان (وان شئت قلت : بالزمان) بالذات.
فكما أن الشيء اذا لم يكن بذاته قابلا للتحيز استحال استعارة المكان له من الخارج ، كذلك اذا لم يكن قابلا للزمان بذاته استحال أن نستعير له الزمان من الخارج أيضاً.
فهذا الاتصاف أدل دليل على أن العامل لهذا هو نفس طبيعة الجسم غير القارة ، وان سيلان الجسم وتدرجه ولاقراره هو منبع تولد الزمان واتصافه به.
وبعبارة أوضح : ان اتصاف الجسم بالمكان كما أنه دليل على كونه ذا أبعاد ثلاثة هي : (الطول والعرض والعمق) بالذات ، كذلك اتصافه بالزمان علامة على ان الاجسام والكائنات المادية هذه بعداً رابعاً هو «الزمان»؟.
فلو أن الفلاسفة أدخلوا الأبعاد الثلاثة في حقيقة الجسم معرفين له بأنه ما يكون له أبعاد ثلاثة فان نظرية الفيلسوف «الشيرازي» في الحركة الجوهرية تضيف إلى الجسم بعداً آخر هو البعد الزماني فلابد من تعريفه بأن الجسم ما يكون ذا أبعاد أربعة : الطول والعرض والعمق والزمان بمعنى السيلان والجريان الذي هو عين التقدم والتأخر.
وبما ان حقيقة الجسم ذات تصرم وسیلان انتزع منه الزمان ، ووصف بالتقدم