والتأخر ، وكان الزمان على هذا عجيناً بالجسم وجزءاً من جوهره وبعداً رابعاً له الى جانب الابعاد الثلاثة الأخرى.
فعلى هذا يجب أن يكون وجود الطبائع والكائنات كوجود نفس الزمان في السيلان والجريان ، ولا يكون لوجودها قرار وثبات ، بل يكون قرارها وثباتها موتها وفناؤها ، كما أن قرار الزمان وثباته عين فنائه وموته.
واليك نص عبارة هذا الفيلسوف القدير في هذا الصدد : «لا شبهة في آن كون الشيء واقعاً في الزمان وفي مقولة متي سواء كان بالذات أو بالعرض هو نحو وجوده ، كما ان كون الشيء واقعة في المكان وفي مقولة أين سواء كان ذلك الوقوع بالذات أو بالعرض هو نحو وجوده.
فان العقل المستقيم يحكم بأن شيئاً من الاشياء الزمانية أو المكانية يمتنع بحسب بوجوده العيني وهويته الشخصية أن ينسلخ عن الاقتران بهما ويصير ثابت الوجود ، بحيث لا يختلف عليه الأوقات ، ولا يتفاوت بالنسبة اليه الامكنة والاحياز ، ومن جوّز ذلك فقد كابر مقتضی عقله ، وعاند ظاهره باطنه ، ولسانه ضميره.
فاذن كون الجسم بحيث يتغير وتتبدل عليه الأوقات ويتجدد له المضی والحال والاستقبال مما يجب أن يكون لامر داخل في قوام وجوده وذاته ، حتى يكون في مرتبة قابليته لهذه التجددات ، غیر متحصلة الوجود في نفس الامر الا بصورة التغير والتجدد» (١).
ويقول أيضاً :
«ان الزمان عند القوم ذا هوية متفاوتة في التقدم والتأخر ، والسبق واللحوق والمضي والاستقبال ، ولكن الطبيعة عندنا الزمان عندهم من غير تفاوت الّا
__________________
(١) الأسفار ج ٧ ص ٢ ـ ٢١.