أن هذه هوية جوهرية والزمان عرض.
والحق ان الهوية الجوهرية الصورية هي المنعوتة بما ذكرناه ، بالذات ، لا الزمان ، لان الزمان عرض عندهم ، ووجوده تابع لوجود ما یتقدر به ، فالزمان عبارة عن مقدار الطبيعة المتجددة بذاتها من جهة تقدمها وتأخرها الذاتيين كما أن الجسم التعليمي مقدار الطبيعة من جهة قبولها للابعاد الثلاثة فللطبيعة امتدادان ولها مقداران أحدهما : تدريجي زماني يقبل الانقسام الوهمي الى متقدم ومتأخر زمانيين ، والاخر : دفعي مكائي يقبل الانقسام إلى متقدم ومتأخر مكانيين» (١).
انظر أيها القارئ الكريم الى هذه الفكرة التي توصل اليها الحكيم والفيلسوف الكبير الشيرازي قبل أربعة قرون حيث صرح بأن الاجسام (أو ما سماه بالطبائع الجرمية) ذات أربعة أبعاد : والطول والعرض والعمق والزمان ، قبل أن يقف عليه أقطاب علماء الطبيعة في هذا العصر.
وعلى ذلك تصير النتيجة ـ بناء على هذا البرهان ـ ان وجود الأجسام ـ كالزمان الذي له وجود سیال غير قارّ الذات حتى لحظة واحدة ، بل ويكون قراره : فناؤه ، وسكونه : انعدامه ، وعلى هذا تكون الكائنات المادية سيالة غير قارة يجري وجودها ، ويتدرج ـ على غرار جریان الزمان وسیلانه ـ وما ذلك الا لاجل كون الطبيعة عجينة بالزمان ، ولكون الزمان داخلا في هويتها ، فلا يمكن أن يختلفا في الحكم (٢).
__________________
(١) الأسفار ج ٣ ص ١٣ ـ ١٤.
قال العلامة الطباطبائي في تعليقه على هذا الكلام : «هذا صريح في انه يرى للطبائع الجرمية أربعة أبعاد الطول والعرض والعمق والزمان» راجع ص ١٤ من هذا الجزء.
(٢) وما نراه من السكون في عالم الطبيعة فهو من خطأ الحواس وليس اثبات الحقيقة الا كثبات الصورة للانسان الناظر في الماء الجاري ، حيث يرى صورة مستقرة