«ان اتصال الزمان ليس بزائد على الاتصال التدريجي الذي للمتجدد بنفسه (الى أن يقول :) ومن تأمل قليلا في ماهية الزمان يعلم انه ليس كالعوارض الخارجية للاشياء كالسواد والحرارة بل من العوارض التحليلية (اي تظهر لدى التحليل العقلي الذهني) لما هو معروضه بالذات (اي المادة المتجددة) ومثل هذا العارض لا وجود له في الأعيان الا بنفس وجود معروضه ، والعجب من القوم كيف قرروا للزمان هوية متجددة اللهم الا اذا عنوا بان ماهية الحركة ماهية التجدد والانقضاء لشیء ، والزمان كمیتها.
والحاصل ان الحركة من حيث تقدرها عين الزمان وان غایرته من حيث هي حركة ، فهو لا يزيد عليها في الأعيان» (١).
وبهذا التقرير تعرف ان التعبير بان الزمان مقدار الحركة ليس تعبيراً دقيقاً مبيناً لواقع الزمان بالنسبة إلى الحركة فانه يوهم بان الزمان شيء ، والحركة شيء آخر يقدر مقدارها بالزمان ، مع انك قد عرفت ـ ایها القارئ العزيز ـ ان نسبة الزمان الى الحركة ليست الا كنسية الشيء الى احد وجهيه ، وبالتالي فان الحركة والزمان وجهان لعملة واحدة.
* * *
جيم) ـ العالم حادث زماني
أوجدت مسألة حدوث العالم حدوثاً زمانياً ضجة كبرى بين المتكلمين وغيرهم من الالهيين.
فالمتكلمون تبعاً لما ورد في الشرائع السماوية التي نصت على كون العالم حادثاً زمانياً ، وان الله سبحانه كان ولم يكن معه شيء ، ذهبوا الى القول بحدوث العالم حدوثاً زمانياً ، أي انه كان زمان لم يكن فيه للعالم أي أثر.
__________________
(١) الاسفار ج ٣ ص ١٤١.