وفي هذا الصدد يقول الحكيم صدر الدين الشيرازي :
«لقد تبين ان الاجسام كلها متجددة الوجود في ذاتها ، وان صورتها صورة التغير ، وكل منها حادث الوجود مسبوق بالعدم الزماني كائن فاسد لا استمرار لهوياتها الوجودية ، ولا لطبائعها المرسلة ، والطبيعة المرسلة وجودها عين شخصياتها وهي متكثرة ، وكل منها حادث ولا جمعية لها في الخارج حتی يوصف بأنها حادث أو قدیم» (١).
وقال : «ان الطبائع المادية كلها متحركة في ذاتها وجوهرها مسبوقة بالعدم الزماني فلها بحسب كل وجود معين مسبوقية بعدم زماني غير منقطع في الأزل» (٢).
* * *
دال) ـ الحركة بحاجة الى محرك
ان الحركة ـ بتمام أبعادها في عالم المادة ـ تكشف عن وجود محرّك مقوم للعالم ، أي أنها تكشف عن موجود ينبت الحركة من داخل المادة ويدفعها الى الامام ، فاذا كانت المادة متجددة في كل آن مندفعة إلى الأمام ، زائلة من جانب ، وحادثة من جانب آخر ، فلابد أن يكون هناك فاعل للمادة ، وخالق لها ، ومنبت لها من الداخل والأصل ، ودافع لها الى الامام.
فاذا كان القدماء يتصورون أن المادة متوقفة والزمان هو السيال ، وانّ سیلان المادة ليس الا ثوباً استعارته المادة من الزمان (أي من مقایستها به) فقد كشفت نظرية الحركة الجوهرية عن أن ذات المادة بحمقها وبجوهرها في
__________________
(١ و ٢) الأسفار ج ٧ ص ٢٧ و ٢٨٥ وأيضاً راجع المصدر نفسه ص ٢٢ ـ ٢٩٣.