وأما النتيجة الثانية وهي : ان التبدلات الجزئية التدريجية تتبدل بصورة «فجائية وقافرة» الى تكامل نوعي أو كيفي في جميع الموارد ، فهي أيضاً ليست أصلا عاماً لاننا نشاهد في الطبيعة تبدلات نوعية كثيرة حصلت تدریجاً ، وشيئاً فشيئاً ، لا دفعة وفجأة وبالقفزة ، واليك فيما يأتي بعض الأمثلة :
أ) النطفة البشرية تتدرج في التكامل في الرحم فهي ترتقي من مرحلة دنيا الى مرحلة عليا تدریجاً لا فجأة ، فليس فيه سير التكامل البشري أي تغير أو تحول فجائي الا في موردين هما : ظاهرة ولادة الانسان ، وظاهرة بلوغه.
ولو اننا أغمضنا العين عن هذين الموردين لم نجد في التكاملات الحاصلة في الكائن البشري أية تكاملات تدريجية لا فجائية ودفعية.
وبكلمة أوضح : ان الحالة الجديدة ليست الا عبارة أخرى عن تراكم مجموع التبدلات الجزئية التدريجية وانضمام بعضها إلى بعض ، لا شيئا آخر يغایر مجموع تلك التغيرات.
ب) الأرض وان انفصلت عن الشمس فجاة ـ كما تقول بعض النظريات الفلكية ـ ولكن التكاملات الواردة عليها حصلت خلال ملايين السنين شيئاً فشيئاً ، وفي نفس الوقت حصلت تبدلات في الأرض ادت الى تحقق انواع جديدة ، ولكنها برمتها حصلت تدريجاً ، فان المعادن عبارة عن العناصر الموجودة تحت الجبال ، او تحت طبقات الأرض والتي تحولت ـ عبر الاف السنين بل وملايين السنين ـ الى تلك الانواع ، وهكذا حصل كل شيء في الأرض بصورة تدريجية ، وجزئية لا دفعية ولا فجائية وبصورة قافزة.
ج) هناك فلزات ومعادن لا يوجب حدوث التغيرات الجزئية فيها الى ظهور نوع جديد ، وكيفية جديدة ، بل ربما یوجب صلابتها اكثر ، أو ليونتها ، وذلك كالذهب والفضة مهما بلغت التغييرات فيهما.