الجزئية الى انقلاب آني دفعي) للمجتمع ، فيردها أن الانقلابات والتغييرات القافزة ليست امراً حتمياً في جميع المجتمعات البشرية ، بل ربما تؤدي التغيرات الجزئية الى حصول نظام جديد من دون ان تتوسط بين النظامين قفزة ، فيكون النظام الجديد حصيلة اجتماع نفس التغيرات الجزئية التدريجية ، من دون أن يحدث من تلك التغييرات شيء دفعي.
ومن هنا ينطرح السؤال التالي وهو : هل الاصلاح الاجتماعي يتم دائماً عن طريق الانقلاب والثورة الدموية أو انه يتم عن طريق الاصلاحات التدريجية أم أن هناك نظرية أخرى ثالثة.
الحق هو أن هناك نظرية ثالثة ، هي الصحيحة وهي الحق ، ويتضح ذلك بالبيان التالي :
ان المجتمعات ـ من حيث درجة انحطاطها وشدة فسادها ـ على نوعين :
نوع استشرى فيه الفساد وضرب باطنابه على جميع أرجائه ، ونفذ الى أعماقه ففي هذه الصورة لم يكن بد من سلوك طريق الثورة الكاسحة والانقلاب الفجائي ، لا صلاح مثل هذا الوضع ، لان الاصلاحات الجزئية والتدريجية لا تحقق أي نجاح ما دام هناك قوی وعناصر مضادة تبطل مفعول هذه الاصلاحات التدريجية وتقضي عليها ، وتعيدها من بعد الغزل انكاثاً ، ومن بعد البناء خراباً ، فان مثل هذه العناصر مثل الجراثيم القوية التي تتقوى وتشتد ضد أي استعمال تدريجي للدواء فلابد في مثل هذه الصورة من بتر العضو الفاسد أو احراقه الاستئصال تلك الجراثيم معها ، والتخلص عن شرّها تخلصاً كاملا ، والقضاء على جذور الفساد ومنابعه ومصادره قضاءاً تاماً.
وأما النوع الاخر من المجتمعات فهو ما كان الفساد فيه سطحياً غير مستشر ولا نافذ الى اعماقه ، وكان لا يزال هناك رجال طيبون ، وقلوب تستجيب ، وعقول