ادوات الانتاج ، ذلك التكامل الذي ينجر الى تغيّر العلاقات ، الملازم لتغيّر النظام سألناهم : الا يبلغ حجم التطور في وسائل الانتاج في فرنسا خلال مأتي عام حجم التطور في هذه الأدوات في روسيا في ظرف ١٢ سنة ، فلماذا مع ذلك تغيّرت العلاقات الاقتصادية في روسيا وحدث الانقلاب فيها ، ولم تتغير هذه العلاقات في فرنسا بل هي باقية على حالها رغم تطور الالة فيها؟
وما هذا الّا لان المجتمع الانساني ليس آلة صمّاء محكومة القوانين خاصة قهرية ، بل له بما جبل عليه من الاختيار والحرية ، ان يقوم بعمليات خاصة تؤخّر أو تعجّل في وقوع الانقلاب أو تقضي على جذوره قضاءاً تاماً ، كما ستعرف.
لقد اعتمدت الماركسية هذا الأصل وتمسكت به لانه يخدم نظريتها الاجتماعية ويبررها ، ولو عجز هذا الأصل عن تبرير نظريتها ولم تجدها في هذا المجال لاعرضت عن الأخذ به ، ويدل على ذلك أن الماركسيين أخذوا من الأصول التي جاء بها هيجل وغيره من الفلاسفة ، خصوص ما يخدم ويبرر نظريتهم وتركوا ما لا ينفعهم في هذا الواقع ، وان كانت تلك الأصول المتروكة تعكس الواقع.
ان الماركسيين حاولوا اثبات نظرية اجتماعية في الحياة البشرية بواسطة قانون جار في الطبيعة ، أي أنهم أرادوا العبور الى النظام الحياتي للانسان من خلال القوانين الطبيعية الحاكمة في عالم المادة ، وادعوا بأن كل ما يجري في الطبيعة الصماء يجري في المجتمع البشري حرفاً بحرف وهذا مما لا يرتضيه أي فيلسوف واقعي النظرة ، لما بين عالم الطبيعة الصماء ، وعالم الانسان ، من الفارق الكبير ، فالموجودات الطبيعية كائنات عمياء صماء لا ارادة لها ولا حرية والانسان كائن عاقل حر ، مختار يفعل ما يريد ، ويترك ما لا يريد.