ان تجاهل هذا الفارق الشاسع بين الانسان العاقل الحر والمادة العمياء الصماء هو الذي أوقع الديالكتيكيين في هذا الخطأ الفضيع ، ودفعهم الى تعميم أحكام الطبيعة الصارمة الجارية فيها قهراً وقسراً ومن دون علمها وارادتها على الحياة البشرية التي يمكن الانسان صياغتها بنفسه ، وكيفما يريد ، ويدل على ذلك أن السلطات التي تواجه الانقلاب ربما منعت من وقوع الانقلاب (الذي يبدو حتمي الوقوع) أو تأخير وقوعه باعطاء بعض الحريات أو الحقوق.
ولأجل الفرق الواضح بين عالم الطبيعة العمياء والأنسان العاقل الحر نری تأخر وقوع الانقلابات في بعض المناطق والمجتمعات الى مدة (٢) ستة كما عرفت بينما وقعت مثل هذه الانقلابات في بعض المناطق والبلاد في مدة لا تزيد علی اثنتي عشرة سنة!!.
وما هذا الا لان المجتمع الانساني كائن حر ومفكر له كمال الحرية في التصرف ، وله كمال القدرة على التسبب بالأسباب ، فله ان يوقد لهيب الثورة ويعجل في وقوع الانقلاب ، وله أن يؤخر ذلك أو يطفيء دائرة الثورة ويقلعها من الأساس.
* * *
أجل ان المشكلة الاساسية هي ان الماركسيين ارادوا تطبيق نظرية اجتماعية معينة فاستعاروا لها أصلا فلسفياً من عالم الطبيعة ، متجاهلين الفارق الكبير بين العالمين : عالم الطبيعة وعالم الانسان.
وقد كان هذا هو الخطأ التي وقعت فيه الحكومات الفاشية التي كانت تعاني من نزعات عنصرية ، فان هذه الحكومات لما رأت تفوق بعض الاجناس على البعض الآخر في الطبيعة حيت الى ان هذا التقوق يجب ان يكون في مجال الحقوق الانسانية أيضاً ، وان الأجناس المتميزة في الواقع يجب ان