وتصور أن الثقافة والفن والعلم والدين كلها من البنية الفوقية التابعة للبنية التحية (أي الاقتصاد) من شأنه ابطال كل نظريات الماركسيين في مجال الفلسفة والتاريخ والاقتصاد ، وكل تحليلاتهم وآرائهم فان هذه القاعدة التي اخترعها ماركس تستلزم أن يكون مجموع مناهجها في المجالات المختلفة نابعة من الحالة الاقتصادية وما كانت عليه وسائل الانتاج يوم أطلق ماركس وانجاز نظريتهما ، وعلى ذلك فلو تغيرت وسائل الانتاج ، وتغير الوضع الاقتصادي انتهى دور المناهج الماركسية في المجالات المختلفة ، فلابد أن تتخذ مناهج اخرى تضادد تلك المناهج ، تبعاً لمتغيرات الاقتصاد ، وتطوّر وسائل الانتاج ، والعلاقات الاقتصادية.
وعلى ذلك فنفس ما يقوله الماركسيون أي «الدين افيون الشعوب ، وانه عامل الركود» هو من نتائج الأوضاع الاقتصادية التي كانت تسود البيئة التي أطلق فيها ماركس كلمته هذه.
فحيث تطور الوضع الاقتصادي ، وتغير الى وضع آخر تغيرت النظرية إلى نظرية اخرى فربما يمكن أن تكون النتيجة هي أن الدین محفز للعمل ، ومحرك للامة ، وعامل من عوامل المقاومة والتقدم.
وهذا يعني ان ماركس قضى على جميع افكاره بنفسه ، وخاصة هذه النظرية حول الدين.
* * *
خامساً) أن تعليل هذه الظواهر الاجتماعية على سعتها وتنوعها وتشعب اطرافها (كالعلم والفلسفة ، والدين والثقافة والفن والاداب) بعامل اقتصادي اشبه ما يكون بتعليل زلزال هائل دمر مدينة عظمی ، بانهيار سقف خشبي في احدى ضواحي تلك المدينة.