عَمَّا يَصِفُونَ (الانبياء ـ ٢٢).
وقوله سبحانه : وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـٰهٍ ۚ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ سُبْحَانَ اللَّـهِ عَمَّا يَصِفُونَ (المؤمنون ـ ١).
وذلك يعني أن كل واحد من الالهة المدبّرة لو أراد أن يتفرد بتدبير مجموع العالم باستقلاله للزم تعدّد التدبير والنظام السائد ، لتعدّد المدبّر وهذا يستلزم طروء الفساد على العالم وذهاب الانسجام المشهود فيه وهذا ما يعنيه قوله تعالى : «لو كان فيهما آلهة الّا الله (أي الله الواحد) لفسدتا).
وأما اذا دبّر كل واحد منهما قسماً من الكون لزم أن يكون لكل جانب من الكون نظام خاص مغاير لنظام الجانب الاخر وغير مرتبط به أصلا وهو أيضاً خلاف ما يشاهد في الكون من الارتباط والانسجام ووحدة العالم ووحدة نظامه ، والى هذا أشار قوله سبحانه إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ.
كما وقد صرّح بهذه الوحدة والارتباط والانسجام في الكون والطبيعة في الحديث الشريف حيث يقول الامام الصادق عليه السلام «فلما رأیت الخلق منتظما والفلك جارياً ، واختلاف الليل والنهار والشمس والقمر (أي تعاقبهما بانتظام) دلّ صحة الأمر والتدبير ، وائتلاف الأمر على ان المدبّر واحد» (١).
وقال عليه السلام أيضاً في جواب من سأله عن دليل وحدانية الرب :
«اتصال التدبير ، وتمام الصنع كما قال الله عز وجل (لو كان فيهما آلهة الّا الله لفسدتا» (٢).
* * *
__________________
(١) توحيد المصدوق ص ٢٤٤.
(٢) توحيد الصدوق ص ٢٥.