فرض وجوده ـ اليه مباشرة. فلما كشف العلم الحديث القناع عن الاسباب والعلل المادية لكل ظاهرة من الظواهر الطبيعية لم يعد الكون بحاجة الى «الله» الحلول العلم محله!
ان هذا التصور يكشف ـ بوضوح ـ عن عدم وقوف هذا الرجل على دور «العلة العليا» ومكانتها من النظام البديع ، ويحكي عن جهله بأن الله خلاق المادة ، وما يسود عليها من نظام علي ومعلولي ، فهو الذي أوجدها ، وهو الذي ارسی فيها نظام السببية والعلية ، ومن ثم فان تقدم العلوم والوقوف على المزيد من قوانين الطبيعة يعزز مكانة «الله» الخالق لانه يزلزلها فكلما ترقی العلم ، وكشف الانسان عن البواطن ، ووقف على اسرار الخلقة ، وتجلى له نظام العلل والمعلولات ، تعمق لديه الاعتقاد بوجوده سبحانه لان كل ذلك النظام البديع يستحيل أن يكون صادرة الا عن خالق مبدع حكيم ، وفاعل قادر خبير.
وقد تقرر ـ في مطلع هذه الدراسة ـ أن اسناد ظهور الاعتقاد بالله في الحياة البشرية الى جهل الانسان من أسوء الاخطاء ، وأفسد الاراء ، وثبت أن البشر لم يتدين بسبب جهله بالعلل المادية الطبيعية ، وانما ساقه إلى ذلك ـ مند اقدم العصور ـ أحد البراهين والأدلة التي وقفت عليها في خلال البحوث السابقة والتي ترجع في اساسها الى قانون العلية الوجدانی العقلي.
* * *
الشاهد الثاني :
ومما يدل على أثر خلو الساحة الغربية من فلسفة صحيحة في ظهور المادية ما كتبه الفيلسوف الانجليزي راسل في كتابه : «لماذا لست مسيحياً» حيث فان ما حاصله : انه في شبابه كان يعتقد بما يعتقد به الالهيون ، ولكنه عدل عن تلك