الثالثة : «المرحلة الوضعية» التي أخذ الانسان يفسّر فيها الاحداث باعتبارها خاضعة لقوانين عامة يمكن ادراكها بالمطالعة أو بالمشاهدة العلمية والتجارب.
وقد أخطأ «كونت» في نقطتين :
الاولى : انه تصور ان هذه المراحل ـ في الفكر ـ مراحل طولية وعمودية وان البشر كان يأخذ في بعض العصور بالتفسير الاول ثم أخذ ـ في ما بعدها ـ بالتفسير الثاني ، ثم أخذ في العصر الحاضر بالتفسير الثالث ، وانسه من غير الممكن لشخص واحد في زمان واحد ان يجمع بين كل هذه التفاسير الثلاثة للظواهر الكونية ، في حين لا يوجد أي تزاحم بين هذه المراحل والتفاسير في معتقد الالهي ، فان الفلسفة الالهية كما تعترف بالنظام العليّ الماديّ السائد على الكون ، وقيام هذا النظام بالقوى المجردة فانها تعترف بالعلة العليا التي ينتهي اليها مجموع هذا النظام الطبيعي والقوى المجردة.
فليس الاعتقاد بهذه التفاسير (التفسير اللاهوتي والتفسير بالمجردات والتفسير الطبيعي العلمي) اعتقاداً بامور متضادة متباينة لان هذه العلل واقعة في طول الاخرى لا في عرضها ، فان العلل المجردة والمادية امتداد لخلاقيته سبحانه ، فانه سبحانه ينفذ مشيئته في الكون عن طريق العلل المجردة والمادية وهذا هو سر نسبة الظواهر الطبيعية الى الله سبحانه ـ في مواضع عديدة من القرآن الكريم ـ تارة ، والی عللها المادية الطبيعية أو المجردة كالملائكة تارة اخرى ، فهو لاشعار ان هذه الأسباب تؤثر بارادته سبحانه ، وانه سبحانه شاء ان ينفذ ارادته ومشيئته عن طريق الاسباب في عالم الطبيعة ، وهو بحث سیاتی تفصيله عند دراسة صفاته سبحانه وأسمائه.
هذا وقد أشار الامام جعفر بن محمد [الصادق] عليهالسلام اذ يقول :