قال اريستوديم : وحق الاله ، ان الاحق بالقسط الاكبر من الاعجاب هم الذين يخلقون الكائنات المتمتعة بالحياة ، اذا لم تكن تلك الكائنات نتيجة الصدفة ، بل كانت نتيجة حكمة وارادة.
قال سقراط : أرأيت لو عرضت عليك مصنوعات مختلفة منها ما هو خفي المنفعة ، ومنها ماله منفعة ظاهرة وحكمة في الوجود باهرة ، فأيهما أولى بأن تظنه من نتائج الصدفة والاتفاق ، أو نتائج العقل والحكمة؟.
قال اريستوديم : تقضي علينا بداهة العقل ، ان نقول أن الذي له حكمة في الوجود ظاهرة ، ومنفعة في نظام العالم بينه هو من فعل العقل والحكمة.
قال سقراط : ألا ترى معنا انّ الذي خلق الانسان وسوّاه قد أعطاه كلّ عضو من أعضائه لمنفعة خاصة ، وفائدة بينة ، ومتعه من الأجزاء والأجهزة بما يحس ويشعر بواسطته ، فمتعه بعينين ليرى بهما المحسوسات وباذنين ليسمع بهما الأصوات؟ ألا ترى انا كنا نتمتع بادراك الحلو والمر من الطعام ، وبالالتذاذ بمحبوبات الفم لو لم يكن لنا ذلك اللسان الذي وضع لتمييزها والحس بها؟
ألا ترى ان من دلائل التدبير والحكمة أن تمتع العين وهي ضعيفة بجفون تنفتح وتنغلق عند الحاجة وتنطبق عند النوم طول الليل ، وأن توهب تلك العين غربالا من اهداب لتقيها فعل الرياح الثائرة وأن تمنع تلك الحواجب كميزاب يمنع عنها غوائل العرق المتساقط من الرأس ، وأن تصنع الأذن على صورة لا تكل من سماع الاصوات ولا تعيا من الحس بها ، وأن تعطي جميع الحيوانات أسناناً أمامية لقطع الأغذية وأضراساً جانبية لطحنها وسحقها ، وأن يكون الفم الذي تدخل منه الحيوانات الأغذية الصالحة لها إلى أجوافها موضوعاً قريباً من العينين والمناخير ، وان المحل الذي يحصل منه الافراز للمواد المستقذرة بعيد عن مرمى النظر ، أترى نفسك بازاء كل هذه الاعمال التي تدل على تدبیر