ولكن وصف «العقيدة الدينية» بذلك وجعلها في عداد الاوهام والخرافات من أسوء الموافف تجاه الحقائق ، فان العقيدة الدينية علة فطرية ، واخری منطقية ، ولهذا لا مجال لنحت الفرضيات لتفسير جودها ونشوئها والسماح للخيال بابتداع التبريرات والعلل.
* * *
ثالثاً : ان هذا التحليل سيف ذو حدّين لأن الظاهر منه هو أن صاحبه يعبد عقائد الناس الى العقد الروحية التي تعلق بالنفس الإنسانية في فترات من عمر الانسان.
فلو صحّ ذلك فلماذا لا تصحّ هذه النظرية بالنسبة الى نفس هذه العقيدة التي اختارها المحلل تجاه الدين ومفاهيمه ، حيث قال ان العقيدة الدينية ترجع في ابتدائها الى عقدة روحية ، ولماذا لا يكون الحاد هذا المحلل (وهو فروید) وخصومته مع الله سبحانه راجع الى عقدة روحية اصيب بها في فترة معينة من فترات عمره ، خاصة وانه قد نقل عنه بانه كان متعلقاً بمربية له في طفولته ، وكان يذهب معها إلى الكنيسة ، ولما طرد والده تلك المربية من منزلهم بتهمة السرقة نشأت لدى فرويد عقدة تجاه أبيه الذي حرمه من تلك المربية فصار خصماً لوالده منذ ذلك الوقت.
فلماذا لا تكون خصومته لله امتداداً لخصومته لوالده؟
أضف إلى ذلك أن هذا المحلل لم يمكنه أن يتحرر من رواسب العقائد المسيحية المحرفة التي علقت بالضميره منذ كان طفلا يتردد على الكنائس ، فان تنزيل الاله منزلة الأب والتعبير عن خالق الكون بالأب فكرة مسيحية ، تستقي جذورها من العقائد المسرحية المحرفة.
والناظر في أمثال هذه التحليلات لا يشك في ان كل واحد من المحللين