وعلى هذا الأساس يكون قد تطابق الفكر الانساني مع مقتضى الفطرة البشرية.
فان طبيعة الانسان تجره الى الاعتقاد بالله سبحانه ، وتدفعه الى التدين له وعبادته ، بينما يستدل جهازه الفكري والعقلي على وجود تلك «القوة العليا» بالأدلة والبراهين ، فيتطابق مقتضى الفطرة ومقتضى العقل ، وتشكل الفطرة والعقل جناحين يطير بهما الانسان نحو الكمال.
وهذا الوجه ـ لو ثبت وهو لا شك ثابت كما ستعرف عند استدلالنا عليه في المبحث القادم ـ اتقن ما يمكن أن تفسر به ظاهرة العقيدة الدينية من دون ان يرد عليه أي واحد من الاشكالات الماضية الواردة على التعليلات والتفسيرات التي سبقت.
فكيف يصح أن تفسّر «ظاهرة التدين» بعامل الخوف مع ان تقدم العلوم قد أذهب الخوف عن النفوس؟
أم كيف تعلل هذه الظاهرة بانها وليدة التضليل الاستعماري والاستغلالي مع ان البشر رغم وقوفه على حيل المستعمرين واساليب المستغلين لا يزال متمسكا بالعقيدة الدينية ساعيا وراء ندائها وآخذا بتعاليمها؟
كيف يصح تفسير ظاهرة الاعتقاد بالله والاخرة بعامل الخوف ، وقد كان الانبياء الذين ضربوا أروع الأمثلة في حب الله ، يمثلون أعلى مظاهر الشجاعة والبسالة ، ولم يكونوا جبناء ولا ضعفاء؟
كيف يصح ذلك والشهداء الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل اعلاء كلمة الله ، واعزاز دينه أقدموا على ذلك بشجاعة لا تقبل الشك؟
ان تركیز قوى الاستعمار والاستغلال الكبرى جهودها للقضاء على الدين ومحو اثاره وملامحه في المجتمعات البشرية في مختلف الاعصار ، والتوسل