من تبعات جسيمة اذا هو أهملها ، الا نحتمل أن يكون الأمر كما أخبروا ، والا نحتمل صدقهم في مقالتهم ، وألا يستوجب ذلك أن نبحث فيما أخبروا به ونتحقق منه ، ونحن نهتم بأبسط الأمور ، ونحسب لاضعف الاحتمالات حسابها؟
أجل ، أن مجرد هذه الاحتمالات تؤرق كل عاقل يحب سعادته وأمنه واستقراره.
ألا ترى لو ان أحداً أخبره بوجود حيوان كاسر في طريق ينوى سلوكه ، فاحتمل صدقه عمد إلى التحقيق وتجنب الطيش والاهمال ، والتهور.
أن مجرد احتمال أن ينتظرنا حساب عادل ودقيق لكل تصرفاتنا جدير بأن يحملنا على البحث في العقيدة الدينية خشية أن نخسر الثواب الأبدي أو نواجه العذاب الخالد اذا كذبنا بهذه الحقائق وهذا هو حكم العقل الذي يقضي بوجوب دفع الضرر ولو كان محتملا.
أجل هذه هي الجهة الثانية الباعثة على دراسة العقيدة والبحث عن «الله» وما يتبع ذلك من قضايا الاعتقاد ، وقد أشار بعض علماء الكلام القدامى الى هذه الجهة اذ قال بتقريب يقارب ما قررناه :
انها (أي دراسة العقيدة وما ينجم عنها من معرفة) دافعة للخوف الحاصل ، للانسان من الاختلاف (الواقع بين البشر في أمر العقيدة فهناك جماهير غفيرة مؤمنة ، وثمة جماعات قليلة كافرة) ودفع الخوف واجب لانه ألم نفساني يمكن دفعه فيحكم العقل بوجوب دفعه ، فيجب دفعه (١).
اذا عرفت هذا فلننتقل الى الناحية الثالثة التي توجب علينا أن نتناول
__________________
(١) راجع الباب الحادي عشر للعلامة الحلي ، شرح الفاضل المقداد.