على سبيل التصحيح على أبي بكر بن الأنباري ، فمات ابن عزيز ولم تكمل قراءته على أبي بكر» وهذا تصريح من معاصر للسجستاني ، زميل له ، نقل إلينا اسمه عن قرب ، وهو يفيد العلم اليقيني الجازم الذي لا يتطرّق الشكّ إليه ، فكيف إذا أضيف إليه قول رجل آخر معاصر أيضا للسجستاني ، وزميل له ، ألا وهو الدارقطني!؟.
وأما الدارقطني ، أبو الحسن علي بن عمر (ت ٣٨٥ ه / ٩٩٥ م) ، فهو علم من أعلام الحديث الشريف ورجاله ، ومن كبار النقّاد وثقاتهم ، وهو واضع كتابي «المؤتلف والمختلف» و «المتشابه» من الأسماء ، ورائد هذا الفن ، وقد ذكر الصفدي في «الوافي» (١) أنه كان معاصرا للسجستاني فقال : «وكان معاصره» وذكر الحافظ ابن حجر في «تبصير المنتبه» (٢) : «أنه لقيه وجالسه ، وسمع معه ومنه» ، ونقل كل من ترجم للسجستاني عن الدارقطني أنه قال في نسبته «العزيزي» وقد رجعت لكتابه «المؤتلف والمختلف» (٣) الذي طبع مؤخّرا فلم أجد ذكر العزيزي السجستاني في موضعه من هذه النسبة ، ووجدت تعليقا للمحقق في الحاشية يقول فيه : «ذكر الذهبي في المشتبه ٢ / ٤٦١ : محمد بن عزيز السجستاني وقال : وقد تمّ الوهم فيه على الدارقطني ، وعبد الغني ، والخطيب ، وابن ماكولا فقالوا عزيز بزاي مكررة ... قال ابن ناصر الدين الدمشقي في التوضيح ٢ / ٣١٩ : ولم أقف على ترجمة ابن عزير هذا في كتاب الدارقطني الذي كتبه عبد الغني المقدسي بخطه ... قلت ـ أي المحقق ـ وكذا لا يوجد في النسختين في كتاب المؤتلف للدارقطني في هذا الموضع ، والله تعالى أعلم». ويظهر أن الدارقطني ذكر كلامه عن ابن عزيز في كتاب آخر من كتبه الكثيرة في هذا الشأن ، ونقل لاحق العلماء عن سابقهم قوله من مصدره ، ومهما يكن من أمر ، فإن كلام الدارقطني ثابت عند العلماء المتقدمين (٤) ، ولا يخفى ما لقوله من شأن في توثيق نسبة زميله «العزيزي».
__________________
(١) الصفدي ، الوافي بالوفيات ٤ / ٩٥.
(٢) ابن حجر ، تبصير المنتبه ٣ / ٩٤٨.
(٣) الدارقطني ، المؤتلف والمختلف ٤ / ١٧٥٠ ـ ١٧٥١. المطبوع بتحقيق موفّق عبد القادر ، بيروت ، دار الغرب الإسلامي ، ط ١ ، ١٤٠٦ ه / ١٩٨٦ م.
(٤) انظر قول الدارقطني عند التجيبي في برنامجه : ٤٦ ، والصفدي في الوافي ٤ / ٩٥ ، والذهبي في المشبته ٢ / ٤٦١ ، وابن حجر في تبصير المنتبه ٣ / ٩٤٨.