الغاشية : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ (١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ (٢) عامِلَةٌ ناصِبَةٌ (٣) تَصْلى ناراً حامِيَةً (٤) تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (٥) لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (٦) لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (٧) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ (٨) لِسَعْيِها راضِيَةٌ (٩) فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ (١٠) لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً (١١) فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ (١٢) فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (١٣) وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ (١٤) وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ (١٥) وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ) (١٦) [الغاشية : ١ ـ ١٦].
ومن ذلك أيضا قوله تعالى : (وَالطُّورِ (١) وَكِتابٍ مَسْطُورٍ (٢) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (٣) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (٤) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (٥) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (٦) إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ (٧) ما لَهُ مِنْ دافِعٍ) (٨) [الطور : ١ ـ ٨].
ومن ذلك أيضا قوله تعالى : (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً (١) فَالْمُورِياتِ قَدْحاً (٢) فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً (٣) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً (٤) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً (٥) إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ (٧) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) (٨) [العاديات : ١ ـ ٨].
وهكذا نجد اتحاد حروف المقطع ، فى مقطعين أو أكثر ، ثم تتغير إلى اتجاه المقاطع فى حرف آخر ، ومن القرآن ما تتقارب فيه المقاطع ، مثل قوله تعالى : (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ (٢) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (٣) قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ (٤) بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (٥) أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ) (٦) [ق : ١ ـ ٦].
إننا لا نجد المقاطع متحدة الحروف ، ولكن نجد أمورا ثلاثة :
أولها : تقارب مخارج الحروف فى المقاطع ، فالدال والباء ، والظاء مخارجها واحدة ، والنطق فيها متقارب ، ولا نفرة بينها.
ثانيها : وجود حرف المد قبل الحرف الأخير من كل مقطع ، وهو حرف الياء فى خمسة منها ، وواحد بالواو. والوزن فى الخمس الأول منها هو وزن فعيل.
وبهذين الأمرين كان التقارب فى المقاطع ، تقاربا بينا يجعل نسق القول واحدا ، ولو لم تتحد المقاطع.
والأمر الثالث : هو اتحاد النغم والموسيقى فى كل المقاطع ، فهى كلها مؤتلفة فى حروفها وألفاظها ، وجملها ومقاطعها ، حتى كونت صورة بيانية تجعل كلام الله العزيز فوق كل منال.