أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (١٩١) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٢) وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) (١٩٣).
[البقرة : ١٩٠ ـ ١٩٣]
ويقول سبحانه وتعالى مبينا أن القتال لأجل الاعتداء ، وأنه ينتهى بنهايته : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ (٣٨) وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣٩) وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) (٤٠) [الأنفال : ٣٨ ـ ٤٠].
فما كان الإسلام ليستبيح دماء المخالفين لأجل المخالفة ، بل يستبيحها لأنهم استباحوا دم أهله ، ولأنهم أرادوا حمل المؤمنين على تغيير دينهم ، وفتنوهم فى ذلك ، والفتنة كما قال تعالى أشد من القتل.
٢٢٥ ـ ولأن الإسلام فى مشروعية الحرب هو دفع الاعتداء ، والفتنة فى الدين ، فإن الإسلام أباح الهدنة إذا أرادها المخالفون ، وحسنها ، ودعا إليها ، وقال تعالى فى ذلك وقد أذن بالقتال العام :
(وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣) إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) (٤) [التوبة : ٣ ، ٤].
وفرض الإسلام هدنة إجبارية على المسلمين إن التزم بها المخالفون ، وهى ألا يكون قتال فى الأشهر الحرم ، وهى ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، ورجب الذى بين جمادى وشعبان.
وأوجب ألا يبتدئ فيها المسلمون قتالا ، إلا أن يكون امتدادا لقتال والسكوت يضر ، ولقد قال تعالى فى ذلك : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (٣٦) [التوبة : ٣٦].
ولا قتال فى الأشهر الحرم ، ما دام المخالفون يحترمونها ، فإن انتهكوها فلا يصح لأهل الإيمان أن يظلموا فيهن أنفسهم ، ويقول سبحانه وتعالى فى ذلك : (الشَّهْرَ