فالله تعالى يقول : (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ) (٢٩) [الشورى : ٢٩].
وفى القرآن الكريم ما يومئ إلى محاولة الإنسان الارتفاع فى الفضاء فالله تعالى يقول : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ (٣٣) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٤) يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ (٣٥) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٣٦) [الرحمن : ٣٣ ـ ٣٦].
واقرأ آيات القرآن فى السحاب ، وإرساله ، وأحواله ، فإنك تجد توجيها إلى ما لم يكن الناس من قبل يتجهون إليه ، ودلت المشاهدات على أنه واقع ، اقرأ قوله تعالى فى وصف السحاب : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) (٤٣) [النور : ٤٣].
وترى من هذا تشبيه السحاب الذى أزجاه الله تعالى بالجبال ، وهذا لا يبدو للسائر على سطح الأرض ، ولا للواقف على آكامها ومرتفعاتها وما كان ذلك معلوما عند العرب ، ولكن الذى يرتفع فوق السحاب فى الطائرات التى تقطع أجواز الفضاء يرى السحاب جبالا.
وأن هذا بلا شك نوع من العلم بالكون فوق ما فيه من دلالة على إعجاز القرآن. إذ إن ذلك الوصف لا يمكن أن يكون من محمد ، لأنه لم يرتفع حتى يكون فوق السحاب ، فلا بد أن يكون الوصف بعلم الله تعالى ، والكلام كله من عنده سبحانه وتعالى ، لا من عند محمد.
وأنت ترى أوصافا كثيرة للأرض والسماء لا تكون من الأمى الذى لا يقرأ ولا يكتب ، أو لا يعلم علوم الكون وما يجرى فيه ، وما كانت معروفة عند العلماء فى عصر نزول القرآن ، كالعلم بطبقات الأرض والسماء ، ذكرها القرآن ، والباحثون لا يزالون دائبين فى البحث عنه ، وعلمهم يصدق بالقرآن ، اقرأ قوله تعالى : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) (١٢) [الطلاق : ١٢].
واقرأ قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٢٩) [البقرة : ٢٩] ، وقوله تعالى : (تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (٢) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ