من الآيات الكريمات ، وأن بعض كتب التفسير التى تأخذ ذلك المأخذ ، وتتجه إلى الإكثار من القصص ، والأساطير الإسرائيلية تضع ستارا كثيفا بين الآية الكريمة ونورانيتها المشرقة ، فهو رحمهالله تعالى وجزاه عن العلم خيرا يريد أن يجد التالى للقرآن الإشراق والنور من غير حجب يحجبها من روايات ما أنزل الله بها من سلطان.
وإن لذلك القول وجاهته ، وإنك بلا شك لو تتبعت أكثر آيات القرآن الكريم التى لم تتعرض للأحكام العملية ، تجدها واضحة بينة ، وإن استبهمت علينا بعض الكلمات لبقايا العجمة فينا ، فإن المعاجم تحل لنا إشكالنا ، وهو لعيب فينا وليس لإبهام فى القرآن ينافى وصفه بأنه مبين ، وآياته بينات.
وإذا كان ثمة موضع للتفسير ، فإنه يكون بتوجيه الأنظار لأسرار القرآن البيانية ، والمرتبة العليا البلاغية التى لا تناهد ، ولا تسامى ، وليس فى قوة أحد من البشر أن يأتوا بمثلها.
وإن الزمخشرى حاول ذلك فى تفسيره ، ووصل فى كثير من الآيات إلى توجيه القارئ إلى الأسرار البلاغية ، ونهج من بعده من سلك ذلك المسلك ، وحاول محاولته.
ونحن نرى أن هذه محاولات ناجحة فى جملتها. وفى كثير من آيات الكتاب ، ولكنا لا نحسب أنهم وصلوا إلى الغاية أو أدركوا نهايته ، فإنه كتاب الله العزيز الحكيم ، لا تتناهى معانيه ، ولا يحاط بكل مغازيه ، وإن تلك المحاولات مفاتيح للنور ، ولكنها ليست النور.
٢٤٤ ـ بعد هذه المقدمة التى لا بد أن نذكرها لنعرف مدى الجهود التى تبذل ، والغاية التى تغيا عند محاولة التفسير ، وإن كنا نؤمن بأن القرآن كتاب مبين ، لا يحتاج إلى بيان ، ولكنا نحتاج إن كان فى قدرتنا إلى أن نتعرف أسرار بلاغته ، وموضع فصاحته ، ونقارب ، ولا نحد ، ونسدد وإن كنا لا ندرك ، ولا تصيب سهامنا ، ولا نصل إلى حال يكون معها يقين بأن ما وصلنا إليه هو سر الإعجاز ، وغاية البيان.
وبجوار الذين قالوا : إن القرآن مبين بذاته لا يحتاج إلى من يبينه ، ويفسره ، كان من يرى أن القرآن يتعبد به ، ويتلى تلاوة ، ولا تتعرف معانيه إلا بتعريف من النبى صلى الله تعالى عليه وسلم.
ولا شك أن ذلك القول غريب ، ولكن وجدناه فى كتب المعتزلة ، وجدنا القاضى عبد الجبار يذكره فى كتابه المغنى ، ويستدل على بطلانه فيقول : «الذى قدمناه الآن يدل على فساد قولهم» ، أى أننا لا نطلب دلالة القرآن ، لأنا قد بينا أنه يقع منه تعالى على