ومن الواجب أن تصحح هذه التراجم بترجمة صحيحة سليمة للقرآن الكريم ترد الحق إلى نصابه.
والأمر الثانى : أن عند بعض الأوربيين والأمريكان نزعات تتجه بهم إلى تعرف القرآن وما يشتمل عليه ، وإن كثيرين من الشرقيين المسلمين لا يعرفون معانى القرآن وإن كانوا غير فاهمين لما يتلون.
ومن الواجب أن نعرف المسلمين بمعانى القرآن معجزة الإسلام ، ومنهم من يحفظه كله ، وكلهم يحفظون بعضه ليصححوا صلاتهم ، وإن هؤلاء من حقهم على المسلمين الذين يجيدون العربية ، ويفهمون لغتهم أن ينقلوا إليهم معانى القرآن ليفهموا معنى ما يتلون من كتاب الله تعالى.
ونقول بالنسبة لهؤلاء الأعاجم من المسلمين أنهم يتلون القرآن الكريم ، ومن السهل أن يكتب لهم فى هامش المصاحف التى بأيديهم معانى الألفاظ القرآنية ، فيقرءون القرآن ، ويستطيعون أن يفهموه ، وقد فعل كثيرون منهم ذلك ، وما يكون بالهامش لا يعد ترجمة ، بل يكون تفسيرا للمفسر.
وأما بالنسبة لغير المسلمين الذين يريدون أن يعرفوا ما فى القرآن ، ونحن نقرر أن من الصد عن سبيل الله تعالى إلا نطلعهم على ما فى القرآن من تكليف وعظات وإرشاد ، ولكن السبيل إلى ذلك ليس ترجمة القرآن ذاته ، فإن ذلك متعذر ، لأن القرآن له معان رائعة تختلف فى إدراكها على الوجه الأكمل للعقول ، وكل عقل يدرك منها بمقدار ثقافته ، وما يدلى به من حبال المعرفة وطاقة الفهم.
وإنما السبيل هو الاتجاه إلى أحد أمرين ، إما بيان المعانى الأصلية التى اشتمل عليها القرآن مبينة بأقوال النبى صلىاللهعليهوسلم ، وبذلك يعرفون حقائق الإسلام ويستضيئون بنور القرآن.
والاتجاه الثانى : أن يفسر القرآن تفسيرا موجزا مختصرا موضحا لمعانى الآيات ، وأن يتولى كتابة هذا التفسير جماعة علمية معروفة بأنها من أهل الذكر ، ويذكر التفسير منسوبا إليهم ، ومسمى بأسمائهم مضافا إليها ، ويترجم ذلك التفسير على أنه ترجمة تفسير فلان ، وفلان ، وأن نحتاط عند النشر ذلك الاحتياط لكيلا يفهم أحد أن هذه الترجمة هى القرآن ، أو هى معانى القرآن ، بل يشار إلى أنها ترجمة لمعانى القرآن على ما ذكره وفهمه أولئك المفسرون ، فإن معانى القرآن على الحقيقة لا يعلمها كاملة إلا منزل القرآن ، ومن نزل عليه الفرقان ، ومن بعد يدرك كل عالم بمقدار طاقته ، وإن القارئ المتفهم للقرآن الطالب لمعانيه يجد أمامه نورا ، كلما قوى بصره استنارت