سورة يونس
(قَدَمَ صِدْقٍ) القدم : واحد الأقدام ، والقدم : السابقة في الأمر ، يقال : لفلان قدم صدق أي : سابقة حسنة ، وقيل : المراد : السعادة ، وقيل (١) : شفاعة محمد صلىاللهعليهوسلم ، والمراد بالصدق : الصلاح والنفع وليس هو ضد الكذب.
(دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَ) أي : دعاؤهم ، والدعوى مصدر كالدعاء ، والمراد به : النداء أي : يدعون الله بقولهم : " سبحانك اللهم" تلذذا بذكره ، لا عبادة ، وقيل : دعواهم كلامهم وقولهم ، وقيل : إذا اشتهوا شيئا قالوا : " سبحانك اللهم" (٢) فيؤتون به ، ومنه قوله تعالى : (فَما كانَ دَعْواهُمْ) أي : دعاؤهم.
(ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ) تقول : دريته ودريت به دريا ودرية ودراية أي : علمت به ، المعنى : أعلمتكم به ، وقال الراغب : والدراية : المعرفة المدركة بضرب من الختل ، وقال : الدراية لا تستعمل في الله. وقول الشاعر :
لا هم لا أدرى وأنت الداري
في تعجرفات كلام أجلاف العرب.
(جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ) : عصفت الريح : اشتدت فهي عاصف وعصوف. ويوم عاصف : تعصف فيه الريح وهو فاعل بمعنى مفعول ، وبنو أسد يقولون : أعصفت الريح ، والعصف : الكسب ، وكذلك الإعصاف ، والعصف : الزرع (٣).
(حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ) تقول : حصدت الزرع وغيره أحصده حصدا ، والزرع محصود وحصيد وحصيدة وحصد بالتحريك ، وهذا زمن الحصاد والحصاد ، تغن بالأمس : تقم على هذه الصفة بالمغاني وهي المنازل ، من قولهم : غنينا بمكان كذا أي : أقمنا بالمغنى ، وقيل : من غنى أي : اكتفى ، وقيل : تغن : تنعم (٤) ، كأن لم توجد ولم تكن تلك الأرض على هذه الصفة.
(وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ) أي : يعلوها غبار ، يقال : ما علا من الغبار في
__________________
(١) وهو قول أبي سعيد الخدري وعلي بن أبي طالب ، واختاره ابن جرير.
(٢) أخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب قال : " قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إذا قالوا : سبحانك اللهم أتاهم ما اشتهوا من الجنة من ربهم".
(٣) هو قول الحسن.
(٤) هذا قول قتادة.