من اليهود في المدينة خبر بعثة نبي آن اوانه ، فكانوا اذا كان بينهم شيء قال اليهود لهم ان نبيا مبعوث الآن قد أظل زمانه نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وارم فلمّا كلّمهم رسول الله ودعاهم الى الله قال بعضهم لبعض : يا قوم والله انه للنبي الذي توعدكم به يهود ، فلا تسبقنكم اليه ، فاجابوه وقبلوا منه ما عرض عليهم من الاسلام فلمّا قدموا المدينة الى قومهم ذكروا لهم امر رسول الله (ص) ودعوهم الى الاسلام حتى فشا فيهم ، فلم تبق دار من دور الانصار الّا وفيها ذكر رسول الله (ص) ، حتى اذا كان العام المقبل وافى الموسم منهم اثنا عشر رجلا ، فلقوه في العقبة ، فبايعوه على بيعة النساء على السمع والطاعة ، وذلك قبل ان يفترض الحرب وبعث معهم النبي مصعب بن عمير يقرئهم القرآن ، ويعلمهم الاسلام ويفقههم في الدين ، حتى اذا كان العام المقبل خرج الى الحج من المدينة المشركون منهم والمسلمون ، فاجتمع المسلمون منهم بالنبي وواعدهم العقبة فتسلّل منهم ثلاثة وسبعون رجلا ومعهم امرأتان فبايعه الرجال بيعة الحرب وهي بيعة العقبة الثانية ، واتخذ منهم اثنا عشر نقيبا ، فلما قدموا المدينة انتشر فيها الاسلام فاذن الله ـ تبارك وتعالى ـ لرسوله (ص) في الهجرة الى المدينة (١).
__________________
(١) سيرة ابن هشام ط. الحجازي بالقاهرة ٢ / ٣١ ـ ٧٦.