قال فلم أزل بها حتى أعطتنيه فإذا فيه (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فلما مررت ب (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ذعرت ورميت بالصحيفة من يدي قال : ثم رجعت اليّ نفسي فإذا فيها (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ، قال : فكلما مررت باسم من أسماء الله عزوجل ذعرت ثم ترجع إليّ نفسي حتى بلغت : (آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) حتى بلغت إلى قوله : (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) قال : قلت أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أنّ محمدا رسول الله (ص) (١).
وفي رواية ابن سعد وابن هشام واللفظ للأخير قال : كان خبّاب بن الأرت يختلف إلى فاطمة بنت الخطاب يقرئها القرآن ـ إلى قوله : فرجع عمر إلى أخته وختنه وعندهما خبّاب بن الأرت معه صحيفة فيها طه يقرئهما إيّاهما فلمّا سمعوا حسّ عمر تغيّب خبّاب في بعض البيت وأخذت فاطمة بنت الخطاب الصحيفة فجعلتها تحت فخذها ـ إلى قوله ـ فأعطته الصحيفة وفيها (طه) ـ الحديث (٢).
***
قال الصحابي عمر ، كان رسول الله (ص) «يجمع الرجل أو الرجلين إذا أسلما عند الرجل به قوّة» وهذا ما سميناه بتشكيل الخلايا السريّة لإقراء القرآن كما وجدنا خباب بن الارت يقرئ فاطمة وزوجها القرآن عند ما اقتحم الدار عليهم عمر بن الخطاب ، وكان شغل المسلمين الشاغل يومذاك حفظ القرآن عن
__________________
(١) أسد الغابة بترجمة عمر بن الخطاب ، ٤ / ١٤٧ ـ ١٤٨ ، رقم الترجمة ٣٨٢٣.
(٢) طبقات ابن سعد بترجمة عمر ، وسيرة ابن هشام (اسلام عمر) ط. مصر سنة ١٣٥٦ ، ١ / ٣٦٦ ـ ٣٦٧ ؛ وسيرة ابن اسحاق ، اسلام عمر بن الخطاب ، ص ١٦٠. وخباب بن الارث التميمي نسبا ومن حلفاء بني زهرة من قريش كان قينا يعمل السيوف في الجاهلية وكان من السباقين إلى الاسلام وممن عذبته قريش على اسلامه شهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله (ص) وكان مع علي في خلافته (ت : ٣٧ ه) بعد مرض طويل راجع ترجمته في أسد الغابة وغيره.