الأنصار ، فقال وهو يريد المهاجرين :
أمسى الجلابيب قد عزّوا وقد كثروا |
|
وابن الفريعة أمسى بيضة البلد(١) |
الأبيات فجاء صفوان بن المعطّل إلى بعض المهاجرين وقال : انطلق بنا نضرب حسّانا ، فو الله ما أراد غيرك وغيري.
ولما أبي المهاجري ذلك ذهب صفوان وحده ، مصلتا بالسيف حتى ضرب حسانا في نادي قومه ، وجرحه وقال :
تلق ذباب السيف عنّي فإنّني |
|
غلام إذا هو جيت لست بشاعر(٢) |
ثم أصلح الرسول بينهم ، وانتهت بذلك أول منافرة وقعت بين فرعي القبيلتين بعد أن عالجها الرسول بحكمته.
ووقعت الثانية يوم وفاة الرسول (ص) ، وذلك لأن المجتمع العربي في شبه الجزيرة كان يتوزع على مجتمعات قبيليّة متعدّدة ، وبعد هجرة الرسول إلى المدينة وفتح مكة أصبحت المجتمعات المتعددة يحكمها مجتمع المدينة الواحد المتكون من المهاجرين والأنصار.
وكان المهاجرون جلّهم من مكّة ما عدا النادر منهم وهم ينتمون الى قريش وحلفائها ومواليها والانصار كلّهم من اليمن ومن قبائل سبأ ؛ وبذلك تحولّت العصبيّة القبيليّة المتعدّدة الى التعصّب بين مهاجرة قريش ومن انتمى اليها من نزار والأنصار ومن انتمى اليها من السبئيين.
وأوّل شجار وقع بينهما بعد الرسول (ص) حدث في سقيفة بني ساعدة
__________________
(١) الجلابيب سفلة الناس ، وبهامش الأغاني ٤ / ١١ (كان المنافقون يسمون المهاجرين بالجلابيب ، وفي ديوان حسان (الخلابيس) أي الأخلاط من كل وجه الفريعة اسم أم حسان وبيضة البلد : يقال للمدح والذم.
(٢) الطبري ، ط. اوربا ، ١ / ١٥٢٦ ؛ الأغاني ٤ / ١٢ عن الزهري ولسان العرب مادة (بيض) ؛ امتاع الأسماع للمقريزي ١ / ٢١١.