قريب وعهد بالجاهليّة ، وفيهم تنافس وفخر ، وما منهم رجل إلّا وقد وتره وليهم ، وإني أخاف ـ أي من تكذيبهم ـ. فأنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) ـ يريد فما بلّغتها تامة ـ (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) فلمّا ضمن الله له بالعصمة وخوفه أخذ بيد عليّ ...) (١).
وروى الحاكم الحسكاني :
عن ابن عبّاس في حديث المعراج ، أنّ الله ـ عزّ اسمه ـ قال لنبيّه في ما قال : «وإنّي لم أبعث نبيّا إلّا وجعلت له وزيرا ، وإنّك رسول الله (ص) وإنّ عليّا وزيرك».
قال ابن عباس : [فهبط](٢) رسول الله (ص) فكره أن يحدث الناس بشيء منها إذ كانوا حديثي عهد بالجاهليّة ـ إلى قوله : ـ فاحتمل رسول الله حتّى إذا كان اليوم الثامن عشر أنزل الله عليه : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ ...) ـ إلى قوله : ـ فقال : «يا أيّها الناس ، إنّ الله أرسلني إليكم برسالة ، وإنّي ضقت بها ذرعا ، مخافة أن تتّهموني وتكذّبوني ، حتّى عاتبني ربّي فيها بوعيد أنزله عليّ ...» (٣).
وروى الحسكاني وابن عساكر : عن أبي هريرة : أنزل الله عزوجل :
يا أيّها الرّسول بلّغ ما أنزل إليك من ربّك ـ في عليّ بن أبي طالب ـ وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته ... (٤).
قصد أبو هريرة أنّ المقصود أن يبلّغ ما نزل في عليّ.
__________________
(١) شواهد التنزيل ١ / ١٩١ ، وراجع تفسير الآية في أسباب النزول للواحدي ، ونزول القرآن لأبي نعيم.
(٢) كذا جاءت.
(٣) شواهد التنزيل للحسكاني ١ / ١٩٢ ـ ١٩٣ ، وفي ص ١٨٩ منه نزول الآية فقط.
(٤) شواهد التنزيل للحسكاني ١ / ١٨٧ ، ورواها ابن عساكر بترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق بطرق كثيرة في الحديث ٤٥٢.