وقالوا في تفسير الدفّتين ، الدفّة : الجنب من كلّ شيء وصفحته ، ودفّتا الطبل : الجلدتان اللتان تكتنفانه ، ويضرب عليهما ، ومنه دفّتا المصحف ، يقال : حفظ ما بين الدفّتين (١) ـ أي حفظ الكتاب من الجلد إلى الجلد.
وبناء على ما ذكرنا ، فإنّ المصحف : اسم للكتاب المجلد ، وذلك لأنّه إذا كانت الصحيفة هي ما يكتب فيها وجمعها الصحف ، والمصحف : هو الجامع للصحف بين الدفّتين والدفّتان ـ هما جلدتا الكتاب ـ فالمصحف في كلامهم بمعنى الكتاب المجلد في كلامنا.
وبناء على ما ذكرنا ، إنّ المصحف : اسم لكلّ كتاب مجلد قرآنا كان أم غير قرآن.
٢ ـ في مصطلح الصحابة :
استعمل المصحف بالمعنى اللّغوي الّذي ذكرناه في روايات (جمع القرآن) حتى عهد عثمان.
فقد روى البخاري عن الصحابي زيد بن ثابت ما ملخّصه : أن الخليفة أبا بكر أمره بجمع القرآن. قال : «فتتبعت القرآن أجمعه ، فكانت الصحف عند أبي بكر حتّى توفاه الله ، ثمّ عند عمر في حياته ، ثمّ عند حفصة بنت عمر (رض)».
وروى بعدها عن أنس ما ملخصه :
(أنّ عثمان عند ما أراد أن يجمع القرآن أرسله الى حفصة : أن ارسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ، ثمّ نردّها إليك ...) الخبر (٢).
ومن الواضح أنّ الصحف والمصاحف ذكرا في الخبرين المذكورين آنفا
__________________
(١) راجع تاج العروس للزبيدي (ت : ١٢٠٥ ه) والمعجم الوسيط ، مادة (دفف).
(٢) صحيح البخاري ، كتاب فضائل القرآن ، باب جمع القرآن ، ٣ / ١٥٠.