سروات مكة :
أ ـ روى ابن اسحاق وقال :
إن قريشا أصابتهم أزمة شديدة ، وكان أبو طالب ذا عيال كثير ؛ فقال رسول الله (ص) للعبّاس عمّه ، وكان من أيسر بني هاشم : يا عبّاس ، إن أخاك أبا طالب كثير العيال ، وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة ، فانطلق بنا إليه فلنخفف عنه من عياله ، آخذ من بنيه رجلا وتأخذ أنت رجلا فنكلهما عنه ؛ فقال العبّاس : نعم.
فانطلقا حتى أتيا أبا طالب ، فقالا له : إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه.
فقال لهما أبو طالب : إذا تركتما لي عقيلا وطالبا فاصنعا ما شئتما.
فأخذ رسول الله (ص) عليا فضمّه إليه ، وأخذ العباس جعفرا فضمه إليه ؛ فلم يزل علي مع رسول الله (ص) حتّى بعثه الله ـ تبارك وتعالى ـ نبيّا ، فاتّبعه علي ـ رضي الله عنه ـ وآمن به وصدّقه ؛ ولم يزل جعفر عند العباس حتى أسلم واستغنى عنه (١).
كانت إعالة الذكور من الأولاد مشكلة لغير ذوي اليسار في سنة الجدب والقحط.
أمّا إعالة البنات ، فقد كانت مشكلة في العصر الجاهلي تعمّ الفقير منهم وذوي اليسار في سني الجدب والرخاء كما نرى ذلك في الخبر الآتي :
ب ـ روى ابن اسحاق ـ أيضا ـ وقال :
كان رسول الله (ص) قد زوج عتبة بن أبي لهب رقية أو أمّ كلثوم ، فلما بادى قريشا بأمر الله ـ تعالى ـ وبالعداوة ، قالوا : إنّكم قد فرغتم محمدا من همّه ، فردّوا عليه بناته ، فاشغلوه بهنّ. فمشوا إلى أبي العاص فقالوا له : فارق
__________________
(١) ابن هشام ١ / ٢٦٣.