وقال (القرطبي) : «إنّه كان من العرب من يقتل ولده خشية الإملاق ، كما ذكر الله ـ عزوجل ـ وكان منهم من يقتله سفها بغير حجّة منهم في قتلهم ، وهم ربيعة ومضر ، كانوا يقتلون بناتهم لأجل الحميّة.
وروي أنّ رجلا من أصحاب النبيّ (ص) وكان لا يزال مغتما بين يدي رسول الله (ص) ، فقال له رسول الله (ص) : مالك تكون محزونا؟
فقال : يا رسول الله ، إني أذنبت ذنبا في الجاهلية فأخاف ألّا يغفره الله لي وإن أسلمت.
فقال له : أخبرني عن ذنبك.
فقال : يا رسول الله ، إنّي كنت من الّذين يقتلون بناتهم ، فولدت لي بنت ، فتشفعت إلي امرأتي أن أتركها ، فتركتها حتّى كبرت وأدركت ، وصارت من أجمل النساء ، فخطبوها ، فدخلتني الحميّة ، ولم يحتمل قلبي أن أزوجها أو أتركها في البيت بغير زواج ، فقلت للمرأة : إني أريد أن أذهب إلى قبيلة كذا وكذا في زيارة أقربائي ، فابعثيها معي ، فسرّت بذلك ، وزيّنتها بالثياب والحلي ، وأخذت علي المواثيق بألّا أخونها.
فذهبت الى رأس بئر فنظرت في البئر ففطنت الجارية أني أريد أن ألقيها في البئر فالتزمتني ، وجعلت تبكي ، وتقول : يا أبت ايش تريد أن تفعل بي؟
فرحمتها ، ثم نظرت في البئر ، فدخلت علي الحميّة ، ثم التزمتني وجعلت تقول : يا أبت لا تضيع أمانة أمّي! فجعلت مرّة أنظر في البئر ومرّة أنظر إليها فأرحمها حتّى غلبني الشيطان ، فأخذتها وألقيتها في البئر منكوسة ، وهي تنادي في البئر : يا أبت ، قتلتني.
فمكثت هناك حتى انقطع صوتها فرجعت.
فبكى رسول الله (ص) وأصحابه ، وقال : «لو أمرت أن أعاقب أحدا بما