قرّ (١) الدجاجة ، فيخلطون فيها أكثر من مائة كذبة» (٢).
وأخبر الله ـ سبحانه ـ عن جهل الجن بالغيب في ما حكى عنهم مع النبي سليمان (ع) في سورة سبأ ، وقال :
(فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ) (الآية / ١٤)
التفسير : لما قضينا على سليمان بالموت ومات وكان متكأ على عصاه يراقب عمل الجن بقي كذلك متّكأ على عصاه وهو ميّت والجنّ دائبون في عملهم فأكلت الأرضة عصاه وسقط ، فتبين من ذلك أنّ الجن لو كانوا يعلمون الغيب لعلموا ان سليمان المتكئ على عصاه أمامهم ميت ، ولما لبثوا بعد موته في العذاب المهين لهم.
وأخبر ـ سبحانه ـ عن منشأ علمهم وانهم كانوا يرهقون من يلوذ بهم من الكهنة وانه انقطع عنهم منشأ علمهم بعد مبعث خاتم الأنبياء في قوله تعالى في سورة الجن :
(قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً* يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً* ... وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً* ... وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً* وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً) (الآيات / ١ ـ ٢ و ٦ و ٨ ـ ٩)
__________________
(١) القرّ : ترديد الكلام في أذن المخاطب حتى يفهمه وقرّ الزجاجة صوتها إذا قطعتها وقرّ الزجاجة صوتها إذا صبّ فيها الماء.
(٢) صحيح مسلم ص ١٧٥٠ ـ ١٧٥١ ، كتاب السلام ، الحديث ١٢٣ ـ ١٢٥.