ـ ثم يتكلّم في باب كبير من أبواب اللغة ، واستعمالات العرب ، وهو : باب المجاز والاستعارة فيتبحّر فيه المؤلف كثيرا ، إذ يأخذ هذا الباب حوالي ثلث الكتاب.
فيذكر أنواعا كثيرة من الكنايات والمجازات ، فيذكر الكناية عن المرأة ، واستعارة الكلمات بعضها مكان بعض ، والاستعمالات بعضها مكان بعض.
فمنها مثلا : استعمال الفاعل بمعنى المفعول ، واستعمال المفعول بمعنى الفاعل ، واستعمال الفاعل بمعنى المصدر ، واستعمال حروف الجرّ بعضها في مكان بعض ، حيث عقد المصنّف بابا خاصا لمعاني الحروف مزوّدا بالآيات القرآنية ، التي تزيد الباب جمالا على جماله.
وهذا البحث الذي ذكره المؤلف بحث مهمّ جدا ، وممتع أيضا ، ومن يجهله يقع في متاهات كبيرة من الجهالة والتخليط ، ويتخبط في طريقه كالناقة العشواء ، التي لا تبصر طريقها.
ومنه باب الأمر وباب النهي فيذكر معانيهما ، وليس للأمر والنهي سوى معنى واحد حقيقي ، وباقي معانيه مجازية ويمثّل لذلك.
ثم بعده يذكر بابا كبيرا وممتعا ، ويتبعه بآخر رديف ويسمّيه :
[باب الكلمات التي جاءت في سورة من القرآن ، وجوابها في سورة أخرى ، أو كلمة جاءت في سورة معطوفة على كلمة في سورة أخرى ، أو في موضع آخر من تلك السورة].
فمن ذلك قوله تعالى : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللهِ ، وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ) (١).
فهذه جنايات ذكرها الله عن اليهود في هذه الآية ولم يذكر ما فعل لهم
__________________
(١) سورة النساء : آية ١٥٥.