وقوله تعالى : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ) (١) إلى قوله : (وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً.)
فهذه جنايات ذكرها الله من اليهود في هذه الآية ، ولم يذكر ما فعل لهم ، ولكن جوابها متفرّق في القرآن. من ذلك قوله تعالى : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) (٢).
وقوله : (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ) (٣) ، وقوله تعالى : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ) (٤) وأشباهها متفرقة في القرآن من أوله إلى آخره.
وقوله تعالى : (إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ) (٥) ، إنها راجعة إلى قوله : (فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) (٦).
معناه : إلا تنصروهم تكن فتنة في الأرض ، أي : الكفار تقتلونهم وربّما يرتدون عن الإسلام مخافة القتل.
وقيل : إنّه على التقديم ، متصل بقوله : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) (٧) بفرض الميراث ، ثم قال : (إِلَّا تَفْعَلُوهُ) (٥). أي : إن لا تعطوهم حقوقهم من الميراث تكن فتنة تهج بينكم العداوة.
__________________
(١) تتمتها : (وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً ، وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً ، وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ ، وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ، وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ، ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً) [سورة النساء : آية ١٥٥ ـ ١٥٧].
(٢) سورة النساء : آية ١٦٠.
(٣) سورة البقرة : آية ٦١.
(٤) سورة المائدة : آية ١٢٥.
(٥) سورة الأنفال : آية ٧٣.
(٦) سورة الأنفال : آية ٧٢.
(٧) سورة الأنفال : آية ٧٥.