وسلّم جذبة من اللحم ، فشقّها بأسنانه ثم ألقاها في نواحي الصحفة ثم قال : كلوا بسم الله ، فأكل القوم حتى نهلوا عنه حتى ما نرى إلا آثار أصابعهم ، والله إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل مثل ما قدمت لجميعهم. ثم قال : اسق القوم يا علي ، فجئتهم بذلك العس فشربوا منه حتى رووا جميعا ، وأيم الله إن كان الرجل منهم ليشرب مثله ، فلما أراد النبي أن يكلّمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال : لقد سحركم صاحبكم والله ، فتفرق القوم ولم يكلمهم النبي.
فلما كان الغد قال : يا علي هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول ، فتفرق القوم قبل أن أكلمهم ، فعدلنا بمثل الذي صنعت بالأمس من الطعام والشراب ثم اجمعهم لي ، ففعلت ثم جمعتهم ثم دعاني بالطعام فقرّبته ففعل كما فعل بالأمس ، فأكلوا وشربوا حتى نهلوا ، ثم تكلّم النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال : يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به ، إني جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه ، فأيّكم يؤازرني على أمري هذا؟ قلت ـ وأنا أحدثهم سنا وأرمصهم عينا وأعظمهم بطنا وأحمشهم ساقا ـ أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه. فأخذ برقبتي فقال : إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا ، فقام القوم يضحكون لأبي طالب ويقولون : قد أمرك أن تسمع وتطيع لعلي.
وأخرج ابن جرير عن علي قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : يا بني عبد المطلب إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله أن أدعوا إليه ، فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر ، على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ قال : فأحجم القوم عنها جميعا وقلت : أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه ، فأخذ برقبتي ثم قال : هذا أخي ووصيي وخليفتي فاسمعوا له وأطيعوا.
وأخرج أحمد وابن جرير والضياء عن علي أنه قيل له : كيف ورثت ابن عمك دون عمك؟ فقال : جمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بني عبد المطلب وهم رهط كلهم يأكل الجذعة ويشرب القربة ، فصنع لهم مدّا من طعام وأكلوا حتى شبعوا وبقي الطعام كما هو كأنه لم يمس أو لم يشرب ، فقال : يا بني عبد