المطلب إني بعثت إليكم خاصة وإلى الناس عامة ، وقد رأيتم من هذه الآية ما رأيتم ، فأيّكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووارثي؟ فلم يقم إليه أحد ، فقمت إليه وكنت من أصغر القوم ، فقال : اجلس. ثم قال ثلاث مرات ، كل ذلك أقوم إليه فيقول لي : اجلس ، حتى كان في الثالثة ضرب بيده على يدي. قال : فلذلك ورثت ابن عمي.
تفسير خطير أدى إليه الذوق الصحيح :
اعلم أن الأخوة هي المقارنة الوجودية أولا والمشهودية ثانيا ، والوصاية هي التحقق بما تحقق به الموصى علما وحالا ومقاما ومعرفة ، والوزارة تحمل ما تحمله الموزر من الأحمال والأثقال ، والوراثة تحصيل ما حصّله المورّث لا على سبيل الكسب بل بالمناسبة الاستعدادية والاقتضائية ، والخلافة هي القيام مقام المستخلف على سبيل البدلية.
تحقيق أنيق : اعلم أن للوصاية والاخوة وغيرهما من الفضائل المذكورة حكمة غامضة وسر عميق في الأصل الوجودي ، اتضح بالوجدان الصريح والذوق الصحيح ، وهو أن حضرة الوجوب والالوهية لما أفضت بفيضها الأقدس صورا معلومة في حضرة علمه ، فأول مفاض في تلك الحضرة هو العين المحمّدي صلّى الله عليه وسلّم وحقيقته الجامعة لجميع حقائق الممكنات وأعيانها ، ولها البرزخية الكبرى بين حضرة الوجوب والإمكان.
ثم استفاض بالثبوت العلمي بوساطته صلّى الله عليه وسلّم مقترنا به العين العلوي الجامع لحقائق الأنبياء والمرسلين وغيرها ، ثم استفاضت الأعيان الأخر وكذلك لمّا أفاضت هذه الحضرة بفيضها المقدس إفاضة وجودية خارجيّة في الحضرة العيانية ، كان السابق بالوجود في تلك الحضرة الروح المحمّدي وتاليه الروح العلوي.
ثم لما أوجد الله الهباء فأول ما ظهرت به حقيقة محمّد صلّى الله عليه وسلّم وروحه قبل سائر الحقائق والأرواح ، وكان الروح العلوي أقرب الأرواح إليه صلّى الله عليه وسلّم ، فظهرت مقارنا لظهوره.